ذكر الله عز وجل في كتابه النفس البشريَّة ، وبيِّن مراتبها وأصنافها ، وسبيل الارتقاء بها من مرتبة أسفل سافلين إلى مرتبة الربانيين المقربين في أعلى عليين ، فالنفس واحدة باعتبار ذاتها، وثلاث باعتبار صفاتها، وسبعة في درجات مراتبها.
أولاً: النّفس الأمارة بالسوء
وهي النفس الخالية من التّزكية, المجردة من القيم الرّوحية, لأنها تميل إلى رغبات الجسد وملذاته وشهواته, وتميل بصاحبها إلى الأسفل .. ثم رددناه أسفل سافلين
ومن هنا تبدأ مرحلة التّزكية إلّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون. . .
والطبائع الذّميمة تسكن في هذه النّفس, كالغل والحقد والنفاق والشّح والحسد .. إلخ وما أبّرئ نفسي انّ النّفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربي (53 يوسف)
ثانياً: النّفس اللوّامة
والدّليل عليها قولة تعالى لا أُقسم بيوم القيامة ولا أُقسم بالنّفس اللوّامة (1-2 القيامة) وهي
النّفس التي بدأت تدرك حقيقة المجاهدة فبدأت بها, ولقرب عهدها بالنّفس الأمارة تطيع الحق مرة وتعصية أخرى ثم تندم فإذا تنوّرت فعلت الخير ولامت حالها على عدم الإستدامة عليه, وإذا فعلت الشّر لامت صاحبها على فعله عند إنتباهها.
ثالثاً: النّفس المطمئنة
وهي النّفس التي ارتقى حالها وتنوّرت بنور الإيمان الذي وقر في القلب بفعل الخير والنّدم على فعل الشّر, وبدأت تتخلّص من الصّفات الذّميمة, واطمأنت بحال الذّكر والقرب من الله الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب (201 الرعد) وهي
المرتبة الأولى من مراتب النّفس الكاملة ويعد صاحبها من أهل الطريق لأنّه أبصر الحقّ ودرج عليه, وتعلق بربه وتفانى في حبه قال تعالى يا أيّتها النّفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية (27-28 الفجر)
رابعاً: النّفس الملهمة
وهي ثمرة العمل في النّفس الثّانية والثّالثة حيث صارت بفعل الطّاعات ملهمة (فألهمها فجورها وتقواها) وقوله تعالى واتّقوا الله ويعلمكم الله (282البقرة) فالذي إلتزم الشريعة وترجمها بالطّريقة أي التطبيق, فلا بد وأن يُثمر ذلك الحقيقة ويتميز أصحاب هذه المرتبة
بالصّبر والتّحمل والشّكر والتّواضع والقناعة والكرم. قال الله تعالى: فوجدا عبدا من عبادنا ءاتيناه رحمة من عندنا وعلّمناه من لدنا علماً (65 الكهف) ومثال ذلك قصة سيدنا عمر بن الخطاب مع سارية, حيث قال بعدها (وقع في خلدي) أي ألهمني ربي ..
خامساً: النّفس الرّاضية
وهي ثمرة المراتب الثّلاثة السّابقة، حيث رضيت عن الله في مشيئة وأقداره , وإذا سُئلت ماذا تشتهي قالت (ما يقضي الله) قال تعالى رضي الله عنهم ورضوا عنه (8 البينة) والغالب على هذه النّفس التّسليم المطلق فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر
بينهم ويسلموا تسليما (65 النساء)
سادساً: النّفس المرضية
وهي التي رضي الله عنها بسبب رضاها وهي أولى مراتب معرفة الله حقّ معرفته. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما يرويه عن ربه (إذا تقرّب إلى شبرا تقرّبت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا،
وإذا أتاني يمشي آتيته هرولة) والغالب على هذه الّنفس صفات الإخلاص والذّكر والكرامة والطّهارة من شوائب الرياسة والسمعة والرياء. قال الله في آية جمعت النّفس المطمئنة والرّاضية والمرضية يا أيتها النّفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ..
سابعاً: النّفس الكاملة
ولا نعني به الكمال المطلق الذي هولله وحده، بل الكمال الجزئي البشري حيث تصير الكمالات طبعاً أصيلاً في هذه النّفس وتترقى في هذا المقام، وغالبا ما يكون صاحبها مرشداً للنّاس ودليلا إلى الله تعالى. ولا ترقى هذه النفس إلا على يدُ مرّبٍ مرشد كامل
ونقصد الكمال الجزئي البشري يَعِرف مقامات الطريق وآفات النفس ومداخل الشّيطان وينأى بمريده عن دروب الشر والفساد، إلى دروب الخير والإحسان.
اقرأ أيضا:
لا تدع الإيمان ينقص في قلبك وجدده بهذه الطريقةاقرأ أيضا:
تتبع خطوات الشيطان بمواقع التواصل حتى الوقوع في فاحشة الزنا.. كيف تتجنبه وتتوب منه؟