مرحبًا بك يا صديقتي..
لست وحدك مختلفة عن إخوتك، أشقائك، بل إن هناك توائم ومختلفين عن بعضهم البعض!
ولا أحسب هذا سرًا، ولا مفاجأة، بل نراه كثيرًا، فمهما كان التوائم متشابهين في الخلقة، ومتعرضون لتربية واحدة من أب وأم، في بيت واحد، له نظام واحد، وشكل خاص واحد، إلا أنهم يكبرون وهم مختلفون.
فالأخوة، والتعرض لتربية واحدة، والعيش في بيت واحد، وظروف واحدة، ليس شروطًا لتشابه شخصيات الأشقاء، وليس مبررًا لحدوث هذا.
فمهما يكن من أمر، هناك سمات لشخصية كل فرد يولد بها، مختلفة، وهناك استجابات من كل شخص للمعاملة الوالدية مختلفة من أخ لآخر، كما أن سمات الشخصية الخاصة لكل واحد تنتج بعد تفاعلها مع الآخرين ردود أفعال، مختلفة، وعوالم داخلية تتشكل داخل كل منهم مختلفة، ولاشك أن هذا كله وغيره في النهاية، سينتج شخصيات مختلفة، تعاملات مختلفة، قرارات مختلفة، تصرفات ومشاعر وأفكار مختلفة، وهكذا، وصولًا لنضج مختلف، وحيوات وشخصيات راشدة مختلفة، ومصائر مختلفة، فهناك أيضًا "أقدار" مختلفة لا حيلة لأي شخص فيها.
هذا عن الاختلافات بين الأخوات، الأشقاء.
أما الأفضلية، والتي تشير إلى معاني أخرى منها تدني الصورة الذاتية، التنافسية مع الأخوات لا النفس، الغيرة، وهذه كلها ربما تعود في جزء منها لتحسس الشخص المفرط، أو تعرضه لأساليب تربوية والدية غير صحية تميل للمقارنة بين الاخوات، وعدم قبولهم جميعا على درجة واحدة وبشكل غير مشروط.
فلو أن الأمر هكذا، فعلاجه الاستبصار بالأسباب وراء ذلك، وحب الذات، وتقدير وجودها، وقبولها، بعيوبها وميزاتها، وادراك ميزاتها، والعمل على تعديل العيوب، وادراك أن طرق التربية شوهت جزء من الشخصية والانتباه لهذا، إذ أن السبب خارجي، وليس داخليًا كامنًا داخل الشخص نفسه، وادراك أن جميع البشر هكذا، فليس هناك شخص كامل، ولا مثالي، مهما بدى لنا، أو قال عنه الناس، هكذا.
أما المرض النفسي، فهو قصة كبيرة وواسعة، يدرسها الأطباء المختصون، علم عظيم بقدر عظمة خلق الله في الأنفس:" وفي أنفسكم أفلا تبصرون".
لذا، فبحسب الأطباء النفسيون، هناك 3 أسباب رئيسة لحدوث المرض النفسي، وهي:
الاستعداد الوراثى والجينى، وطريقة التربية ومعاملة الأهل في الطفولة، وأخيرًا تعرض الشخص لظرف نفسى أقوى من قدرته على المقاومة والتحمل.
هذه العوامل الثلاث، تؤدي لاختلال كيميائي في بعض مناطق المخ، فيحدث المرض النفسي، أو الاضطراب، ولهذا كله علاج بل علاجات مختلفة وناجعة وبحسب كل حالة وما يناسبها.
يخبرنا أيضًا الإختصاصيون النفسيون، أنه قد تتوافر هذه العوامل ولا يصاب الشخص بمرض ولا اضطراب نفسي، وذلك مرجعه لمقاومته، وقوته النفسية، أو توافر ظروف وأشخاص في حيته، صمامات أمان تحميه من الاصابة والسقوط.
وعلى سبيل المثال، من تتعرض يوميًا لتحرش جنسي في مكان العمل، ليست كمن تعرضت له مرة وتركت هذا العمل، لاشك أن أثر الضرر نفسيًا على كل منهم سيختلف عن الأخرى بسبب قوة تكرار الاساءة، وهكذا.
الخلاصة، أن أمر المرض النفسي يشخصه طبيب مختص لا الناس يا صديقتي، فلا تنزعجي وتقلقي كل هذا القلق، وبإمكانك الاطمئنان على نفسك بالطرق الصحيحة وعدم الاستسلام لمن يقول عنك مهما كان.
أرجو أن تفكري فيما سبق من مناقشة، وأفكار، وتوضيح، حتى تطيب صورتك الذاتية عن نفسك وتتصالحين مع ذاتك، وتنصلح علاقتك لإخوتك، ونظرتك لهم.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
إشكالية العلاقة بين الأبناء والآباء.. من يربي من؟!اقرأ أيضا:
هل يشابه أبناء المطلقين آباءهم ويستسهلون الطلاق؟