الإكثار من فعل الخيرات والتقرب من الله بأعمال البر والإحسان يجلب للمؤمن الكثير من النعم فيه يقيه من الوقوع من الفتن ويحول بينه وبين الوساوس و يرفعُ الله به للعبد الدرجات، وينالُ به الخيرات، ويُكفِّرُ به السيئات بشكل يستوجب من المؤمن الإكثار من هذه الأعمال التي تدنيك من الله وتؤمن لك جنات تري من تحتها الأنهار في الآخرة
ومن ثم يجب علي المؤمن أن يكثر من أعمال الخير بشكل عام ليعينه الله بذلك على الخروج من الفتن، وأن يبادر بتلك الأعمال استجابة لأمر النبي ﷺ حيث يقول: «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا» [مسلم]. ويقول النبي ﷺ: «العبادة في الهرج -وفي رواية- في الفتنة كهجرة إلي». [مسلم] يعني بذلك أن لها ميزة وفضل وأجر عظيم في أوقات الفتن.
العلامة الحافظ ابن رجب رحمه الله علق علي هذا الحديث بالقول : «وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتن يتبعون أهوائهم ولا يرجعون إلى دين فيكون حالهم شبيهاً بحال الجاهلية فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه ويعبد ربه ويتبع مراضيه ويجتنب مساخطه كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله ﷺ مؤمناً به، متبعاً لأوامره مجتنباً لنواهيه»
فأعمال الخيرات ومحاولة التقرب إلي الله بها هي أهم ما يعين المسلم على الخروج من تلك الفتن كتاب الله عز وجل كما وصفه بذلك الصادق المصدوق فيما ورد عنه أنه ﷺ قال: «إنها ستكون فتنة، قال: قلت فما المخرج؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، من ابتغى الهدى (أو قال العلم) من غيره أضله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي تناهى الجن إذ سمعته
واستدل الحافظ بن رجب رحمه اللله بالأية القرآنية : (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد) من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعى إليه هدي إلى صرط مستقيم» ذلك فيما يخص الفتن التي تصيب الإنسان فتغبش على الرؤية
أما النوع الثاني من الفتن بحسب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الديار المصرية السابق فيتمثل في اختلاط أهل الحق وأهل الباطل فيصعب التمييز بينهم؛ فقد أشار القرآن إلى هؤلاء المندسين الذين يتسببون في فتنة المجتمع وأنهم لا يخفون عليه سبحانه فقال تعالى: "قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ المُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ البَأْسَ إِلاَّ قَلِيلًا".
النبي صلي الله عليه وسلم تحدث عن هذا الأمر بالقول : ذلك الزمان الذي يختلط فيه أهل الحق بأهل الباطل، ويظن الناس أن الكاذب صادق، والصادق كاذب حيث قول النبي : «يأتي على الناس سنوات جدعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيهم الرويبضة. قيل يا رسول الله ﷺ: وما الرويبضة؟ قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة» وفي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه وهو حديث طويل (وَلَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى تَرَوْا أُمُورًا عِظَامًا يَتَفَاقَمُ شَأْنُهَا فِي أَنْفُسِكُمْ، وَتَسَاءَلُونَ بَيْنَكُمْ: هَلْ كَانَ نَبِيِّكُمْ ذِكْرُ لَكُمْ مِنْهَا ذِكْرًا"
اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولىلذا فليس أمام المؤمن من خيار الإ الإكثار من فعل الخيرات والعغمل علي التقرب بهذه الخيرات من الله واكتساب رضوانه باعتبار أن هذه الخيرات هي السبيل الوحيد للثبات علي الدين والعقيدة ومقارعة الفتن وهزيمتها