"لماذا خلق الله الكورونا مع أنها مؤذية؟"، سؤال ردده بعض الأطفال وطلبوا من آبائهم وأمهاتهم إجابة عنه، وهو سؤال وارد، ومنطقي، وله بالطبع إجابة، ومهما كانت إجابة الآباء والأمهات عنه، فهناك إجابة صحية، متخصصة، بحسب الخبراء النفسيين، نوردها عبر السطور التالية.
يوضح الدكتور تامر البسيوني، استشاري الطب النفسي أن الرد على مثل هذه الأسئلة، لابد أن يقسم إلى 3 أجزاء، عند الإجابة، وهي:
أولا: الجزء الخاص بـ " هل هذا شر بالفعل؟".
ثانيا: ما يعرف بمعضلة الشر.
ثالثا: تبسيط فكرة الابتلاء للطفل .
وللإجابة على الجزء الأول، يقول الدكتور تامر:" نتحدث مع الطفل على أنه الله خلق أشياء كثيرة في الكون من حولنا، مهمتها الحفاظ على التوازن والاستمرار، ونحن لا نعرف عنها شيء، وهناك قصص شهيرة لاجتهاد البشر في مكافحة حاجات اعتبروها شريرة، وسيئة، مثل "البوم" مثلًا، فبدأ الناس في التخلص منها، فزادت الفيران وأكلت المحاصيل، وعصافير (سبارو) في الصين، التي لاحظ الناس أنها تأكل جزء من محصول الأرز، فقرروا قتلها، حتى يحافظوا على انتاجهم من محصول الأرز، وبالفعل نجحوا في عمل حملة كبيرة قضت على العصافير تقريبًا، وكانت النتيجة زيادة عدد الحشرات الآكلة للمحاصيل كلها، ما أدى إلى مجاعة مات فيها ما بين ١٥ لـ ٤٥ مليون صيني، واضطروا لاستيراد هذا النوع من العصافير من الاتحاد السوفيتي!
ومن ثم، من المحتمل أن تكون هذه الفيروسات والبكتيريا عمومًا، مهمة لحفظ التوازن الكبير للكائنات الحية.
اقرأ أيضا:
إشكالية العلاقة بين الأبناء والآباء.. من يربي من؟!أما الإجابة عن "معضلة الشر"، فيوضح أنها مهمة للكبار والصغار، الاجابة عن أسئلة من مثل: لماذا خلق الله كائنات شريرة، ولما هناك أشخاص فقراء، وآخرون معاقون، ولماذا هناك أشخاص مرضى ويموتون بسبب المرض، وآخرون مظلومون، كثر، فالإجابة هي أن الشر مهم حتى يعرف الخير، النقم مهمة، لكي نعرف النعم ونقدرها.
وأنه من قوانين الله، حرية الإنسان في اختياره لفعل الخير أو الشر، فهو الذي يقرر مساعدة شخص أو قتله، وعلى هذا الأساس سيحاسب في الآخرة، فليس كل الحساب على الأعمال في الدنيا، وليس كل العدل هنا، فالاختيار هنا والعدل والحساب الحق هناك.
وأن معظم التقدم الذي وصل له الإنسان كان أساسه محاولاته لمقاومة ومحاربة الشر، والحياة هنا هي جزء ضئيل من بقية الحياة في الآخرة.
أما الجزئية الخاصة بالابتلاء، فيوضح بسيوني أنه ليس هناك داع لربط موضوع الكورونا (أوغيره) بالذنوب، فبعض الأمهات مثلًا، كانت تقترح إجابة الطفل بـ" أن الصينين وحشين عشان بياكلوا حاجات مش نضيفة، ومش بيعبدوا ربنا )، يقول:" أنا شخصيًا لا أفضل هذه الفكرة إطلاقا، فنحن لا نعلم حكمة الله فعلًا، وربما غدًا -لاقدر الله- أحد أفراد الأسرة أو العائلة أو الأصدقاء من المقربين للطفل أو في محيطه ويعرفهم، يبتلى بالكورونا، فماذا سيكون ردنا ساعتها؟، هل سنقول له إن "جدو " شرير، ومش بيعبد ربنا؟!
لذا- والكلام لاستشاري الطب النفسي- من الممكن تبسيط الفكرة، بأن إصابة شخص بالكورونا، أو الحظر والحجر الصحي، والتباعد الاجتماعي، هي ابتلاء بمعنى "امتحان" من ربنا لنا كلنا.
وأن الامتحان مهم لسببين، أولهم أن ربنا سيرى ماذا سنفعل، هل سنصبر، ونعبده عادي في جميع أحوالنا، أم سنعبده فقط عندما نكون بخير، وثانيهم امتحاننا فيما سنفعله مع غيرنا، هل سنجتهد ونساعد غيرنا المريض بالكورونا، وأهله، ونتعاطف ونتكافل ونتراحم مع بعض كلنا، خصوصًا مع من تضرروا من الحظر والتباعد الاجتماعي فأصبحوا بلا عمل ، ولا دخل، ولا قدرة على شراء الطعام والشراب والعلاج، وسنكون ممن أحبهم الله لأنهم يساعدوا غيرهم، أم لا، وهل هذا الامتحان سيجعلنا نقترب من الله أم لا.
ولفت الدكتور تامر البسيوني إلى أن الكلام بشكل عقلاني مع الطفل، والرد على أسئلته، لا يتعارض مع ضرورة تقبل مشاعر الطفل، كالغضب، أو الحزن، أو القلق، ومساعدته على التعبير عنها، كأن تقول لطفلك مثلا: (أنت دلوقتي غضبان عشان مش بنخرج نلعب زي الأول وقاعدين في البيت بسبب الكورونا) ، وفي الحالتين لابد أن نسمع لهذا بهدوء ونطئمن الطفل، أن مشاعره مقبولة، ومصدقة وأن حقه يعبر عن مشاعره، ثم نعلمه كيف يتعامل مع هذه المشاعر بدون رفض أو تجاهل لمشاعره.