تسمع عن الكرم والضيافة، وإقامة الموائد، وكان لكل عصر أدواته ووسائل ضيافته. يقول أحد الصحابة : كان للنبي صلى الله عليه وسلم قصعة يحملها أربعة رجال يقال لها "الغراء" . فلما أضحوا وسجدوا الضحى أتي بتلك القصعة وقد ثرد فيها، فالتفوا عليها. فلما أكثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعرابي: ما هذه الجلسة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله جعلني عبدا كريما، ولم يجعلني جبارا عنيدا" ثم قال: " كلوا من جوانبها ودعوا ذروتها يبارك فيها".
ضيافة أبي بكر الصديق:
يقول عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: نزل علينا أضياف لنا، وكان أبي يتحدث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل. قال: فانطلق وقال: يا عبد الرحمن، افرغ من أضيافك، قال: فلما أمسيت جئنا بضيافتهم. قال: فأبوا، وقالوا: حتى يجيء صاحب المنزل فيطعم معنا. قال: فقلت لهم: إنه رجل شديد، وإنكم إن لم تفعلوا خفت أن يصيبني منه أذى. قال: فأبوا، فلما جاء لم يبدأ بشيء أول منهم، فقال: أفرغتم من أضيافكم؟ قال: قالوا: لا والله ما فرغنا، قال: ألم آمر عبد الرحمن؟ قال: وتنحيت عنه. فقال: يا عبد الرحمن، قال: فتنحيت عنه. قال: فقال: يا غُنْثر – كلمة تشبه الشتيمة في وقتنا- ، أقسمت عليك إن كنت تسمع صوتي إلا جئت. قال عبد الرحمن: فجئت، قال: فقلت: والله ما لي ذنب، هؤلاء أضيافك فسلهم قد أتيتهم بضيافتهم فأبوا أن يطعموا حتى تجيء. قال: فقال: ما لكم أن لا تقبلوا ضيافتنا؟ قال: فقال أبو بكر: فوالله لا أطعمه الليلة. قال: فقالوا: فوالله لا نطعمه حتى تطعمه قال: فقال: ما رأيت كالشر كالليلة قط.. ويلكم، ما لكم ألا تقبلوا ضيافتنا؟ قال عبد الرحمن : ثم قال أبو بكر: أما الأولى فمن الشيطان، هلموا قراكم. قال: فجيء بالطعام، فسمى فأكل وأكلوا، قال: فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بروا وحنثت، قال: فأخبره، فقال: "بل أنت أبرّهم وأخيرهم".