يقول التابعي عمرو بن ميمون : افتتحنا مدينة بفارس فدللنا على مغارة فيها بيت فيه سرير من الذهب عليه رجل عند رأسه لوح مكتوب فيه: أنا بهرام ملك فارس، كنت أغناههم بطشا، وأقساهم قلبا، وأطولهم أملا، وأحرصهم على الدنيا، قد ملكت البلاد، وقتلت الملوك، وهزمت الجيوش وأذللت الجبابرة وجمعت من الأموال ما لم يجمعه أحد قبلي، ولم أستطع أن أفتدي به من الموت إذ نزل بي.

وصية مبكية 

وحكى الهيثم بن عدي قائلا : وجد غار في جبل لبنان زمن الوليد بن عبد الملك وفيه رجل مسجى على سرير من الذهب وعند رأسه لوح من الذهب أيضا مكتوب فيه بالرومية: أنا سبأ بن نواس خدمت عيصو بن اسحاق بن إبراهيم خليل الرب الأكبر، وعشت بعده دهرا طويلا ورأيت عجبا كثيرا.
وأضاف: ولم أر فيما رأيت أعجب من غافل عن الموت، وهو يرى مصارع آبائه ويقف على قبور أحبابه، ويعلم أنه صائر إليهم، ثم لا يتوب، وقد علمت أن الأجلاف الجفاة يستنزلونني عن سريري ويتولونه وذلك حين يتغير الزمان ويكثر الهذيان ويترأس الصبيان، فمن أدرك هذا الزمان عاش قليلا ومات ذليلا.

اقرأ أيضا:

وصايا الحكام لولاتهم.. ممن حذر عمر بن الخطاب؟

رجل من ولد العباس

يقول أحد العابدين : خرجنا من المدينة حجاجا فإذا أنا برجل من بني هاشم من بني العباس بن عبد المطلب قد رفض الدنيا، وأقبل على الآخرة، فجمعتني وإياه الطريق، فأنست به وقلت له: هل لك أن تعادلني، فإن معي فضلا من راحلتي، فجزاني خيرا، وقال: لو أردت هذا لكان سهلا، ثم أنس إلي فجعل يحدثني.
 فقال: أنا رجل من ولد العباس كنت أسكن البصرة وكنت ذا كبر شديد ونعمة طائلة ومال كثير وبذخ زائد، فأمرت يوما خادما لي أن يحشو لي فراشا من حرير ومخدة بورد وثير ففعل، فإني لنائم إذا بقمع وردة قد نسيه الخادم، فقمت إليه فأوجعته ضربا، ثم عدت إلى مضجعي بعد إخراج القمع من المخدة، فأتاني آت في منامي في صورة فظيعة فهزني وقال: أفق من غشيتك وانتبه من رقدتك.
وقال وهب بن منبه: أصبت على قصر غمدان وهو قصر سيف بن ذي يزن بأرض صنعاء اليمن وكان من الملوك العظماء مكتوبا بالقلم السندي فترجم بالعربي فإذا هي أبيات جليلة وموعظة عظيمة جميلة وهي هذه الأبيات: