توجه رجل من بني إسرائيل الي ربه قائلا أريد أن أعبدك عبادة ما عبدك بها أحدمن الناس الإ الأنبياء فأمره الله أن يخرج إلى جزيرة من الجزر في وسط البحر فأتى هذا الرجل المسكين العابد فخرج إلى جزيرة وحده لا زوجة ولا ولد ولا أهل ولا قبيلة يعبد الله 500عام
الله سبحانه وتعالي انعم علي عبادة بسيل من المنح إذ أنبت الله له شجرة من رمّان، وكان إذا اشتهى الأكل قطف الرمانة وأكلها، وصلى وعبد الله وذكره وسبحه وتأمل في مخلوقاته فلما عبد الله خمسمائة سنة توفاه الله وليس له ذنوب ما أكل مال أحد، ولا اغتاب أحد، ولا أكل الربا، ولا استمع الغناء، ، ولا شهد شهادة الزور.
أتريد أن تدخل الجنة بعملك أم برحمتي ؟قبض الله روحه قال : ياعبدي وبعد فترة طويلة فرد العبد علي ربه قائلا : أريد أن أدخل الجنة بعملي لأنه توهم أن عبادة خمسمائة سنة تخوله وتؤهله لدخول الجنة قال الله : تريد الجنة بعملك أم برحمتي ؟ قال : بعملي يا رب
الله سبحانة وتعالي مضي في توجيه السؤال لعبده : نحاسبك بقدر النعم التي أعطيناك وبقدر عبادتك التي عبدتنا إياها فتقدمت الملائكة بالميزان يحاسبونه فنشروا له الصحف وعدّوا نعم الله عليه وعبادته فوجدوا عبادته جميعاً لا تعدل إلا نعمة البصر، وبقية نعمة القلب والسمع والحياة، والتنفس والعقل، والهداية وغيرها قال الله : خذوه إلى النار.
ولم يجد عبد بن إسرائيل الي ان يتضرع إلي ربه قائلا أسألك أن تدخلني الجنة برحمتك فالعبد مهما اخلص في العبادة لربه حتي لو امضي في ذلك نصف قرن فهذا لا يعادل النعم التي وهبها الله لعبده فمهما صمت وقمت وتضرعت الي الله بالطاعات فلا تتطلع الا ان يدخلك الله الجنة بفضله وليس بعدله ولا عبادتك له.من المهم هنا الإشارة إلي معني "أن يعاملنا الله بفضله لا بعدله" فقد أجمع العلماء والفقهاء والسلف الصالح أن يسامحنا الله على ما يصدر منا بفضله وبجوده وبكرمه، وأن لا يعاملنا بعدله، لأن الله تعالى إذا عامل العبد بالعدل أكبَّه في نار جهنم، لذلك يقول الله تعالى: {"وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ" النحل: 61.
لذا فقصة عابد بن إسرائيل تقدم إشارة قوية أن من عامله الله بالعدل أدخله النار، ومن عامله بالفضل أدخله الجنة، وربنا تعالى يعامل عباده المؤمنين يوم القيامة إن شاء الله بالفضل، ويعامل عباده الكافرين بالعدل، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: «لن يُدخِل أحدًا منكم عملُه الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدَنِيَ الله منه بفضل ورحمة».