كان الأئمة الأربعة من أحسن الناس لجيرانهم، وكانت معاملتهم الحسنة، والصبر على أذى الجيران لها وقع في نفوسهم، حتى أذعن لهم من كان يؤذيهم.
فقد كان في جيران أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رجل ممن يمارس المعاصي والقاذورات فجاء يوما إلى مجلس الإمام أحمد يسلم عليه فكأن أحمد لم يرد عليه ردا تاما وانقبض منه.
فقال له: يا أبا عبد الله، لم تنقبض مني؟ فإني قد انتقلت عما كنت تعهدني برؤيا رأيتها، قال: وأي شيء رأيت؟.
قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم كأنه على علوّ من الأرض وناس كثير أسفل جلوس.
قال: فيقوم رجل.. رجل منهم إليه فيقول: ادع لي.. فيدعو له حتى لم يبق من القوم غيري.
قال: فأردت أن أقوم فاستحيت من قبيح ما كنت عليه.
اقرأ أيضا:
عريس الجنة.. صحابي فضل الشهادة على ليلة زفافه فتسابقت عليه حور العينفقال لي النبي صلى عليه وسلم : يا فلان، لم لا تقوم إلي فتسألني أدعو لك؟.
قال: قلت: يا رسول الله، يقطعني الحياء لقبيح ما أنا عليه فقال: إن كان يقطعك الحياء فقم فسلني أدع لك فإنك لا تسب أحدا من
أصحابي قال: فقمت فدعا لي فانتبهت وقد بغّض الله إلي ما كنت عليه.
ومن حكايات التوابين يقول أحد العبّاد ويكنى بأبي عمرو : خرجت يوما في حاجة فرأيت جنازة فتبعتها لأصلي عليها ووقفت في جملة الناس حتى تدفن فوقعت عيني على امرأة مسفرة من غير تعمد فلمحت بالنظر واسترجعت واستغفرت الله تعالى وعدت إلى منزلي.
فقالت لي عجوز: يا سيدي، مالي أرى وجهك أسود؟ فأخذت المرآة فنظرت فإذا وجهي أسود فرجعت إلى سري أنظر من أين دهيت فذكرت النظرة فانفردت في موضع أستغفر الله تعالى وأسأله الإقالة أربعين يوما.
فخطر في قلبي أن زر شيخك الجنيد فانحدرت إلى بغداد فلما جئت الحجرة التي هو فيها طرقت الباب فقال: "ادخل يا أبا عمرو.. تذنب بالرحبة ويستغفر لك ببغداد".