لاشك أن حال الدنيا يتغير ويختلف باختلاف أهواء الناس وضمائرهم، فهناك أهل الخير، من الذين يحبون الله عز وجل ويخشونه ولا يخشون أحد سواه، وهناك الجانب الآخر، من أولئك الذين لا يحبون الخير للناس، وهناك درجات، لكن أشر هؤلاء دون شك هم من يتمنون المرض لغيرهم .. ذلك أن المرض والعياذ بالله أكثر الابتلاءات التي تعجز الإنسان، وتضطره للإقدام على أمور ما كان يقبلها لو كان سليمًا معافى. وليس ذلك إلا لأن المرض لا يتحمله كثير من الناس، لذلك ضرب الله لنا مثلاً بنبيه عليه السلام أيوب، الذي تحمل المرض لـ17 عامًا.. ومازال مضرب المثل في صبره ورضاه بقضاء الله فيه حتى الآن، لأنه ما من أحد يستطيع أن يصبر على هذا البلاء الشديد على الإطلاق إلا من كان مؤمنًا حق الإيمان.
أمنية لا تطلبها أبدًا
في المرض الذل كله والعجز كله، وهو ما جعل النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يحثنا على عدم تمني إلا الخير، لأنه دعاء إلى الله، وقد يتقبله من العبد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا تمنى أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه».. أي يكثر من طلب الخير، وليس بالتأكيد الأذى لأحدهم، ولا لنفسه أيضًا. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيرًا لي».. بل أنه حتى حينما جعل لقاء العدو لا يتمناه أحد، طلب منا سؤال الله العافية، وما كان ذلك إلا لمعرفته بأهمية العافية للإنسان. ورد في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « أيها الناس: لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية, فإذا لقيتموهم فاصبروا».
نعمة العافية
ما يؤكد أن الذي يطلب المرض لأي إنسان، إنما يريد له أكبر أذى، هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدث عن نعمة العافية في الكثير من أحاديثه، بل وحث على ضرورة الحفاظ على الصحة في أكثر من موضع، ووصل الأمر حد أن جعل العافية أهم من امتلاك الدنيا وما فيها. روى الترمذي في سننه من حديث عبيد الله بن محصن الخطمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا».. وكان دائمًا ما يسأل الله عز وجل العافية، فاللهم هب لجميع خلقك العافية وابعد عنا المرض يارب العالمين.