عندما تذكر رابعة يصرف إلى الذهن " رابعة العدوية"، لكن هناك عابدة شهيرة تتفق معها في الاسم " رابعة بنت إسماعيل"، ولكنها رابعة الشامية وليست العدوية، وكانت الشامية متزوجة من العابد أحمد بن أبي الحواري.
قال زوجها أحمد بن أبي الحواري: قلت لرابعة، وهي امرأتي وقد قامت بليل: قد رأينا أبا سليمان وتعبدنا معه، ما رأينا من يقوم من أول الليل.
اقرأ أيضا:
عريس الجنة.. صحابي فضل الشهادة على ليلة زفافه فتسابقت عليه حور العين فقالت: سبحان الله مثلك يتكلم بهذا؟ إنما أقوم إذا نوديت.
قال: وجلست آكل وجعلت تذكرني، فقلت لها: دعينا يهنينا طعامنا.
قالت: ليس أنا وأنت ممن يتبغص عليه الطعام عند ذكر الآخرة.
وحكى زوجها أيضا، قالت لي رابعة: أي أخي أعلمت أن العبد إذا عمل بطاعة الله أطلعه الجبار على مساوئ عمله فيتشاغل به دون خلقه؟.
وعن أحمد بن أبي الحواري قال: كانت لرابعة أحوال شتى فمرة يغلب عليها الحب، ومرة يغلب عليها الأنس، ومرة يغلب عليها الخوف فسمعتها تقول في حال الحب:
حبـيب ليس يعـدله حـبيب ... ولا لسواه في قلبي نصيب
حبيب غاب عن بصري وشخصي .. ولكن عن فؤادي ما يغيب
وسمعتها تقول: إني لأضن باللقمة الطيبة أن أطعمها نفسي، وإني لأرى ذراعي قد سمن فأحزن.
قال: وربما قلت لها: أصائمة أنت اليوم؟ فتقول: ما مثلي يفطر في الدنيا.
قال: وربما نظرت إلى وجهها ورقبتها فيتحرك قلبي على رؤيتها ما ل ايتحرك مع مذاكراتي أصحابنا من أثر العبادة.
وقالت لي: لست أحبك حب الأزواج إنما أحبك حب الإخوان، وإنما رغبت فيك رغبة في خدمتك، وإنما كنت أحب وأتمنى أن يأكل ملكي ومالي مثلك ومثل إخوانك.
قال أحمد: وكانت لها سبعة آلاف درهم فأنفقتها عليّ، فكانت إذا طبخت قدرا قالت: كلها يا سيدي فما نضجت إلا بالتسبيح.
وقالت لي: لست أستحل أن أمنعك نفسي وغيري، اذهب فتزوج. قال: فتزوجت ثلاثا، وكانت تطعمني اللحم وتقول: اذهب بقوتك إلى أهلك.
وكنت إذا أردت جماعها نهارا قالت: أسألك بالله لا تفطرني اليوم، وإذا أردتها بالليل قالت: أسألك بالله لما وهبتني لله الليلة.
كما قول سمعتها تقول: ما سمعت الأذان إلا ذكرت منادي القيامة، ولا رأيت الثلج إلا رأيت تطاير الصحف، ولا رأيت جرادا إلا ذكرت الحشر.
أحمد بن أبي الحواري قال: قالت لنا رابعة: نحوا عني ذلك الطست، فإنما عليه مكتوب: مات أمير المؤمنين هارون الرشيد.
قال أحمد: فنظروا فإذا هو مات ذلك اليوم.
وسمعتها تقول: ربما رأيت الجن يذهبون ويجيئون، وربما رأيت الحور العين يستترن مني بأكمامهن.
قال أحمد: ودعوت رابعة فلم تجبني، فلما كان بعد ساعة أجابتني وقالت: إنما منعني من أن أجيبك أن قلبي قد كان امتلأ فرحا بالله، فلم أقدر أن أجيبك.