يجهل الكثير من الناس خطورة تعذيب الحيوان، أو عدم إنقاذه، ولا يعرف أن إنقاذ هذا
الحيوان ربما يكون سببا في دخول الجنة، كما أن تعذيبه ربما يكون السبب الوحيد لإدخال النار.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (( عُذِّبت امرأةٌ في هرَّة ربطَتْها حتى ماتت، فدخلَتْ فيها النَّارَ، لا هي أطعمَتْها ولا سقَتْها إذ حبسَتْها، ولا هي تركَتْها تأكل من خَشَاش الأرض )) رواه البخاري ومسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( بينا رجلٌ يمشي فاشتدَّ عليه العطشُ، فنزل بئراً فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلبٍ يَلْهَثُ، يأكل الثرى من العطش، فقال لقد بَلَغ هذا مِثْلُ الذي بلغ بي فملأ خُفَّه ثم أمسكَه بِفِيهِ، ثم رَقِىَ، فسقى الكلبَ فشَكَرَ الله له، فغفر له )). قالوا: يا رسولَ الله، وإنَّ لنا في البهائم أجراً؟ قال: (( في كلِّ كَبِدٍ رَطْبةٍ أجرٌ )) رواه البخاري ومسلم .
الرحمة في استخدام الحيوان:
عن عائشة رضي الله عنها أنها رَكِبَتْ بعيراً فكانت فيه صعوبةٌ، فجعلَتْ تُرَدِّدُه، فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ...)) الحديث، رواه مسلم.
ومعنى (تردِّدُه): تجعله يسير ثم تُوقِفُه بشدَّة، وتكرِّر ذلك عدَّة مرات، وفي ذلك من القسوة عليه ما لا يخفى، لذا جاء أمره صلى الله عليه وسلم بالرِّفق مع هذا الحيوان.
وعني الإسلام بحق الحيوان في الطعام والشراب والراحة، وهي أمور أوجبها الإسلام على صاحب الحيوان، وتوعد من لم يفعلها بالعذاب في الآخرة، ووردت في هذا نصوص عديدة؛ منها ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم قال: “عُذِّبَت امرأة في هِرَّةٍ حبستها حتى ماتت جوعا، فدخلت فيها النار، قال: فقال: والله أعلم، لا أنتِ أطعمتِها ولا سقيتِها حين حبستيها، ولا أنت أرسلتِها فأكلت من خشاش الأرض”. وحين صلى النبي صلاة الكسوف ذات مرة قال: “دَنَتْ مني النار حتى قلتُ أي ربَّ، وأنا معهم، فإذا امرأة –حسبت أنه قال:- تخدشها خرة، قال: ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعا”.
والهرة مثال على الحيوان الذي يدخل في حكم الإنسان، ولهذا فهذا الحكم ينسحب على ما كان في معناها من الدواب، ويزداد التشديد في حالة الحيوانات النافعة إذ هي “مملوكة محبوسة مشغولة بمصالح المالك”، حتى مالك النحل يجب عليه “أن يُبقي له شيئًا من العسل في الكوارة (أي: خلية النحل) بقدر حاجته إن لم يَكْفِه غيره”.
الحيوانات الأليفة:
وهذا التشديد في
الحيوانات النافعة المملوكة يبدو واضحا في حديث آخر، إذ مرَّ النبي ببعير “قد لَحِق ظهره ببطنه” من شدة الهزال، فقال صلى الله عليه وسلم : “اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة… فاركبوها صالحة وكلوها صالحة”.
ودليل ذلك أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى في حديث آخر بالإبل حال السفر فقال: “إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم في السنة فأسرعوا عليها السير، وإذا عرَّسْتُم بالليل فاجتنبوا الطريق فإنها مأوى الهوامّ بالليل”.
وبهذا جمع الحديث بين الرفق بالبشر، والرفق بالإبل، والرفق بالكائنات البرية، وهذا من جوامع كلمه عليه أفضل الصلاة والسلام.
وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن سقي الحيوان المحتاج يغفر الذنوب ويُدخل الجنة، فهو بهذا من عظائم الأعمال عند المسلم، قال : “بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرا فشرب منها ثم خرج، فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي. فملأ خَفَّه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له”، قالوا: يارسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: “في كل كبدٍ رطبة أجر”.