يعتبر دم الحيض بمثابة نفايات، لكن يمكن استخدامه لمراقبة علامات الأمراض بما في ذلك التهابات المسالك البولية، ومرض السكري من النوع الثاني، وسرطان المبيض - قبل ظهور أي أعراض.
وطوّر فريق من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، مستشعرًا ورقيًا يُدمج في فوطة صحية عادية للكشف عن أي مشاكل صحية محتملة في أقل من عشر دقائق.
وأظهر الباحثون قدرته على قياس مستويات البروتين التفاعلي-سي في الجسم بدقة (وهو مؤشر على الإصابة بعدوى مثل نزلات البرد والإنفلونزا)؛ ومستضد السرطان الجنيني (المرتبط بنمو الورم)؛ وCA125 (وهو بروتين قد يكون علامة على سرطان المبيض).
طريقة عمل المستشعر
ويعمل المستشعر بشكل مشابه لاختبار كوفيد، إذ ترتدي المرأة الفوطة كالمعتاد وتُلتقط صورة للمستشعر بعد انتهاء الدورة الشهرية.
يعرض المستشعر، الموجود أسفل الطبقة العلوية مباشرةً، خطوطًا أو نقاطًا حسب العلامات المكتشفة. وكلما كانت الألوان أغمق، زاد تركيز العلامات التي يتم اختبارها.
يتم تحميل الصورة إلى تطبيق يستخدم الذكاء الاصطناعي لمقارنة الصورة مع مئات الصور الأخرى لشرائط الاختبار قبل التوصل إلى تشخيص محتمل، وفقًا لصحيفة "ديلي ميل".
وقال لوكاس دوسنون، باحث في مجال التكنولوجيا النانوية في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، والمؤلف الرئيس للدراسة التي نشرت مؤخرا في مجلة "أخبار العلوم المتقدمة": "في الوقت الحالي، لدينا دليل على المفهوم مع ثلاثة مؤشرات حيوية ذات صلة بالعدوى والاضطرابات النسائية وتطور الأورام".
ويخطط فريق البحث لإضافة المزيد من المؤشرات البروتينية التي ستمكن من الإشارة إلى مجموعة متنوعة من الأمراض الأخرى أو تقديم رؤى صحية عامة.
ويحتوي هذا المستشعر، المسمى MenstruAI، على جزيئات نانوية ذهبية تتفاعل عند اكتشاف بروتين.
ويقول لوكاس دوسنان: "المستشعر مُدمج في غلاف سيليكون ناعم يحميه. وهو مصمم للتحكم في كمية الدم التي تلامس الشريط الورقي".
دم الحيض
وفي عام 2019، قارن فريق من جامعة ستانفورد بكاليفورنيا عينات من دم الحيض مع الدم الذي يدور في الجسم من 20 امرأة على مدى شهرين.
وأظهرت النتائج المنشورة في مجلة "الطب السريري والمختبري"، أن دم الحيض يمكن أن يُقدّر بشكل موثوق مستويات العديد من المؤشرات الحيوية - بما في ذلك السكري والالتهابات - بالإضافة إلى الهرمونات التناسلية، وبالتالي يمكن أن يكون مصدرًا بديلًا للتشخيص ومراقبة الصحة.
في عام 2022، قام بول بلومنثال، أستاذ فخري في طب التوليد وأمراض النساء في كلية الطب بجامعة ستانفورد، والدكتورة سارة ناصري، وهي باحثة زائرة سابقة في كلية الطب بجامعة ستانفورد، بتطوير فوطة صحية ذكية يمكنها اكتشاف فيروس الورم الحليمي البشري، المرتبط بسرطان عنق الرحم.
وترتدي النساء الفوط الصحية بشكل طبيعي، ثم يتم إرسال شريط جمع الدم إلى المختبر لتحليله.
يتم إرجاع النتائج في غضون خمسة أيام، ويمكنها، بالإضافة إلى فيروس الورم الحليمي البشري، تحديد المؤشرات الحيوية لمرحلة ما قبل السكري، وفقر الدم، وانقطاع الطمث، وبطانة الرحم المهاجرة، وصحة الغدة الدرقية.
مؤشرات مبكرة
ويقول لوكاس دوسنون، إن الاختبار الأخير ليس مصممًا ليحل محل الاختبارات المعملية، بل لإعطاء مؤشرات مبكرة للمشاكل المحتملة التي قد تتطلب تحقيقات أكثر تفصيلاً.
ويمكن استخدامه للفحص المبكر للإناث بشكل عام اللواتي يرغبن في الحصول على نظرة عامة أفضل على صحتهن، أو يمكن أن يساعد في مراقبة تقدم المرض لدى اللواتي تم تشخيصهن بالفعل.
ومن ذلك مرض التهاب الأمعاء المعروف باسم مرض كرون، حيث يحتاج بعض المرضى إلى إجراء فحص دم شهري لمراقبة حالة الالتهاب لديهم.
والخطوة التالية هي اختباره على مجموعة أكبر من المشاركين (أُجريت الدراسة الميدانية على مجموعة صغيرة من المتطوعين). ويقول لوكاس دوسنون إنه بمجرد اعتماده، يُمكن بيعه دون وصفة طبية.
وعلى الرغم من أن الذهب مُكلّف، لكن النفقات تنخفض عندما يتم توسيع نطاق التصنيع ولا نحتاج إلا إلى القليل جدًا.
يقول لوكاس دوسنون: "جسيمات الذهب النانوية سهلة الاستخدام ومتعددة الاستخدامات"، ويضيف أن استخدام دم الحيض بهذه الطريقة لا يزال يُنظر إليه بعين الريبة. ويضيف: "نأمل أن يُساعد هذا المشروع في كسر المحظورات غير المُجدية".
وقالت الدكتورة كارين مورتون، استشارية أمراض النساء في جيلدفورد، لمجلة "جود هيلث": "هذه التكنولوجيا مثيرة للاهتمام ولكن هناك الكثير مما يتعين فهمه حول كيفية استخدامها للمساعدة في تحسين صحة المرأة، إن أمكن على الإطلاق".