تبين د. مروة عبد الحميد استشاري العلاقات الاسرية والتربوية انه علي الرغم من اعتراضي التام على قرار الابنة بترك التعليم، إلا أنني أتفهم جدا شعور الإحباط الذي لحق بها بعد حصولها على نتيجة غير مرضية بالنسبة لها. فعلي السائل أيضاً مراعاة هذا الشعور في تعامله مع الابنة وأثناء تحاوره معها لأنها إن شعرت بعدم تقدير حزنها وإحباطها فمن الصعب أن تنصت لأي نصيحة مقدمة.
وتوجه نصيحتي بأن الحياة غالباً ما تأخذنا في منعطفات لا تهواها أنفسنا، وفي كثير من الأحيان، يصعب علينا فهم الأسباب وراء هذه الإحباطات. ولكن دعيني أذكرك بأنه ليس علينا إضاعة الوقت في محاولة تفسير ما حدث أو أن نلوم أنفسنا أو الآخرين على حدوثه. وإنما أُمرنا أن نستمر في العمل بإحسان بغض النظر عن النتائج. وكما نسمع كثيراً المقولة السائدة: "العبد في التفكير، والرب في التدبير". وأضيف أيضاً يا أختي العزيزة بأن الرب سُمّي "رباً" لأنه يربي عباده. فاعلمي أنه يربيننا دائما، وتلك التربية فيها من المنع والعطاء ما هو نافع لنا دون أي فهم منا. فالله سبحانه وتعالي أحياناً يمنع عنا أمراً ليربينا ويحمينا. فكل فقد هو تربية من الله عز وجل. ولذلك عليكِ أن تراجعي رضاكِ عن قدر الله. فأنتِ إن رضيتِ، سلّمتي لإرادته ولكان أيسر عليكِ أن تلتفتي لإمكاناتك الحالية وإيجاد أفضل السبل لاستغلالها وتفعيلها.
وتنصح : عليك أيضاً أن تتذكري أن الشيطان يوسوس لنا دائما بما يرهقنا ويستنزف طاقاتنا. وأنا أراه قد تسلل إلى عقلك بالفعل وأقنعك أن تيأسي من التعليم والاجتهاد فيه بسبب النماذج السيئة من حولك التي تبني نجاحها على الغش والتضليل. فتذكري أن هذا أولاً امتحان من الله ليري إن كنتِ ستحسنين العمل أم لا.. هل ستنساقِ وراء الأخطاء أم أنك ستحمين نفسك وتتبعين الطريق السليم؟ وثانياً، عليكِ أن تستوعبي أن كل مجال - سواء دراسة أو عمل – له فئته التي لا تتبع قول الله ورسوله وربما علينا نحن أن نكون من المجموعة التي تعدّل هذا المسار باتباع الإحسان في القول والعمل وعدم الاستسلام لقبح تصرفات الآخرين.
وفي الختام، أذكرك بأن الله سبحانه وتعالي خلقنا لنعبده ولنكون خلفائه في الأرض. فعلي كل واحد منا دور ومسئولية في إعمار الأرض مهما أنهكته الظروف وأتعبته الحياة. فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم وتوكلي على الحي الذي لا يموت واعقدي نية الإصلاح في الأرض دون الالتفات لغيرك.