أنا ابنها الوحيد وبعد زواجى صارت أمي تغار علي جدا من زوجتى وتصر أن تبيت معنا ولا تفارقنا.. ماذا أفعل؟
بقلم |
فريق التحرير |
الخميس 18 يناير 2024 - 10:42 م
تبين د. مروة عبد الحميد استشاري العلاقات الاسرية والتربوية ان هناك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم توضح منزلة الام منها ما جاء عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله.. من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أبوك" (متفق عليه).
وتضيف اننا يمكن ان نستخلص من هذا الحديث حرص سيدنا رسول الله (ص) علي توطيد العلاقة بين الابن وأمه والتأكيد علي قيمة الأم العظيمة في حياة الإنسان. هذا وقد أيضاً أوصانا الله سبحانه وتعالي بالأم في كتابه الكريم في سورة الأحقاف: "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ ". وبالتالي، فإن معاملة الأم يجب أن تكون بإحسانٍ بالغ مع الحرص الشديد علي مشاعرها.
وتلفت الى انه لم تأت تلك الوصايا الربانية والنبوية من فراغ. بل هي إكرامٌ إلاهيٌ مستحق لشخص الأم بذاتها لما تبذله من تضحيات متناهية من أجل رعاية أبنائها. فهي كائن فُطِر علي بذل الجهد من أجل الأطفال، فتعرض جسمها وصحتها لكافة أشكال التعب ولكنها لا تلتفت لذلك أبداً، إنما جل ما تتمني دائماً هو الاطمئنان علي أبنائها والتأكد من استقرارهم وراحتهم.
وتؤكد ان هذا القدر من التفاني والتضحية خارج عن طاقة أي إنسان في الشكر والعرفان. إنما يجزيه الله عنها خير الجزاء بإذنه تعالي. ولكن أراد الله عز وجل أن يقر عينها بأبنائها في الدنيا ومكافئتها علي جهودها عن طريق توصية الأبناء بحسن المعاملة والإكرام لها في حياتها.
وهو بالفعل ما يحاول فعله الكثير والكثير من الأبناء لعل الله يقبلهم ويبارك في أمهاتهم. ولكن ما يقع فيه بعضنا هو الصراع الدنيوي بين إرضاء الأم وحسن معاملتها وبين البحث عن استقلاليتنا والتحرك في حياتنا علي الشكل الملائم لنا. فينشأ هذا الصراع عندما تقف الأم مطالبةً أبنائها بالبر وهي في نفس الوقت تشكل لهم عائقاً أمام الاستمتاع بحياتهم بحرية. وهو أمر ليس بهيّن تحديداً علي الأبناء الصالحين الحرصين علي بر الأم وودها.
وفي هذا الشأن، أود أن أوجه بعض النصائح للأبناء وللأمهات أيضاً. فبالنسبة للأبناء، أوصيكم بأمهاتكم خيراً وأؤكد علي أهمية إيجاد التوازن بين ما يرضي الأم ويرضيكم دون استخدام أساليب حوارية سلبية حتي لا ينفطر قلب الأم الرقيق، وإنما عليكم التودد لها وبرها والتحدث معها بصراحة وهدوء فيما قد يكون عبئاً عليكم بسببها. فإذا لمست الأم ذلك الحرص الحقيقي علي إرضائها، ودّت هي الأخرى إرضائكم وأعانتكم علي سعادتكم.
أما بالنسبة للأمهات الفاضلات، أود أن أوصيكن بأن تعينوا أبنائكن علي طاعتكن وأن تيسروا لهم الطريق إلي رضاكم وأن تسمحوا لهم بالتحرك في حياتهم والاستقلال بها. فذلك أمر طبيعي جداً وتحقيق لسنة الله عز وجل في أرضه. فإنه من المستحيل معاملة أبنائنا باستمرار علي أنهم أطفالنا المسئولين منا، فهذا يجعلنا عبئاً عليهم. وإنما علينا جميعاً كأمهات تغيير العدسة التي نري من خلالها أبنائنا عندما يصلوا إلي سن الرشد. فهم في هذا الوقت بحاجة إلي الأم الصديقة وليس الأم التي تربي وترعي فقط. فيصبح دورنا في حياتهم مختلفاً عن مراحلهم العمرية السابقة. لنفسح لهم المجال ونمدهم بالحرية اللازمة حتي يتمكنوا من التحرك في الحياة بما لا يغضب الله وفي نفس الوقت نفوز ببرّهم في حياتنا وبعد مماتنا.
وللأخ السائل أوجه نصيحتي بأهمية رعاية الأم ومشاعرها مهما كلفك ذلك وأن تتحاور مع زوجتك وأن تعامل زوجتك بالحسني وتشكرها وتقدر مجهودها في الصبر علي هذا الوضع حتي ينقضي. وبالفعل سينقضي هذا الأمر إذا شعرت والدتك منك بالحب والتقدير وتحدثت معها بالحسني فيما يزعجك. رضي الله عنك وأرضي عنك والدتك وأعانك علي برها وتقواه.