فى نصيحة لها للفتيات قال د. مروة عبد الحميد استشاري العلاقات الاسرية والتربوية انه بينما نشهد حالياً إقبالا شديدا من الفتيات علي الحجاب والاحتشام، تقع بعضهن في فتنة ترك الحجاب أو خلعه بعد الالتزام به. وهذه الظاهرة دليل علي أن الهدي دائماً هو هدي الله وأننا في حقيقة الأمر لا نستطيع فرض الهداية علي أحد. قال الله تعالي في كتابه الكريم: "فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمصيطر". فلعل كل ما نملكه هو النصح والإرشاد والدعاء بظهر الغيب. بالإضافة إلي التعامل مع الفتيات اللاتي تأخر حجابها أو فُتِنَت فيه بالحسني حتي لا نتسبب لها بأي أذي نفسي قد يبعدها عن الطريق الصحيح.
وتوجه رسالة إلي كل فتاة تراجعت عن حجابها وأقول لها أنه بخلعك للحجاب قد تظهرين للمجتمع بشكل أجمل وملفت أكثر، ولكنك في الحقيقة لم تتعاملي مع المشاكل الحقيقية التي دفعتك لخلع الحجاب في الأساس. دعيني أوضح لك بعض الإشكاليات التي تساهم في هذا القرار غير الحكيم.
فعلي سبيل المثال، قد تقع الفتاة فريسة للاكتئاب، وفي محاولة منها لمساعدة نفسها، تجد الفتاة مندفعة نحو فعل تغيير جذري في حياتها لعل وعسي تتحسن حالتها النفسية. ويساعدها علي ذلك أدوية علاج الاكتئاب المزمن لأنها بالفعل تعطي المريض دفعة من النشاط والطاقة حتي ينتصر علي الاكتئاب. وفي هذه الحالة، أنا أتفق أن هذا التغيير الكبير في شكلك قد يشعرك ببعض الراحة وقد أيضاً تشعرين أنك قد تغلبتي علي الاكتئاب ولكن نصيحتي إليكي يا فتاتي أن أفضل علاج للاكتئاب هو استشارة الطبيب النفسي إلي جانب الجلسات العلاجية الحوارية مع الأخصائيين النفسيين حتي يساعدك في الوصول إلي جذور الاكتئاب ويقتلعها ويبني معك أسلوب حياة جديد صحي وسوي حتي لا تتعرضي لهذه الأزمة مجدداً.
وربما تأخر سن الزواج عند بعض الفتيات يكون عنصراً مساعداً لقرارها في خلع الحجاب اعتقاداً منها أن هذا الأمر سيجعلها تبدو أصغر سناً ويعزز ثقتها بنفسها وقد يجلب لها زوجاً في النهاية. لكن دعيني أحدثك يا أختي بأن هذا السبب غير كاف لخلع الحجاب بالرغم من بعض المشاعر الجيدة التي قد تشعرين بها ولكني أصدقك القول: الأزمة هنا كامنة في درجة الثقة في الله وقدره. فإذا تأخر زواجك، اعلمي أن هذه هي إرادة الله وأن قدره دائماً هو الخير وإن بدي لك عكس ذلك.. فعسي أن نحب شيئاً وهو شر لنا. نعم ستستعيدي جزء من ثقتك بنفسك إذا أصبحت ملفتة للغير بشكل واضح، ولكنك يا عزيزتي لا يجدر بك السماح لأي ظرف أو شخص أن يهز ثقتك بنفسك. عليك التحلي بالثقة بالله والشجاعة الكافية لمواجهة المتنمرين والمتطفلين وأن تريهم منك دائماً الرضا عن قضاء الله والتمسك بتعاليمه.
ولوحظ أيضاً في السنوات الأخيرة تأثر بعض الفتيات بأقرانهن اللائي ضَعُف إيمانهن وتمسكهن بتعاليم الله سبحانه وتعالي. فارتدوا الملابس غير اللائقة وظهروا في أماكن وتجمعات غير مناسبة وأصبح اختلاطهنّ بالشباب شيئاً عادياً.. وكل هذه الأمور نهانا عنها الله وعلينا الامتثال لها طاعةً له عز وجل وحفاظاً علي أنفسنا من المخاطر التي قد تلحق بفتياتنا جراء هذه التفريط. فعليك يا فتاتي أن تحيطي نفسك بمجتمع يلهمك اتباع محاسن الأخلاق وعليك اختيار أصدقاء صالحين ممن ترين قدوة حسنة لك تساعدك علي التقرب إلي الله. فلا أحد يستطيع أن يعيش دون أصدقاء، وكلنا نعترف بتأثرنا بأصدقائنا وبقيمهم وقناعاتهم فنحذو حذوهم دون مجهود. فإذا صلحوا، صلحنا وإن فسدوا، فسدنا. فمن باب أولي، توخي الحذر في اختيار من نسمح لهم بالتأثير علي حياتنا والأفضل أن نكون نحن المؤثرين بالهداية متي استطعنا وعلي من قابلنا.
وفي النهاية، الحجاب آية من آيات جمال المرأة المسلمة لما فيه من امتثال لأمر الله وتقواه وحفظ لنفسها ولمجتمعها. ومما لا شك فيه أن شعر المرأة زينة، وفطرت المرأة علي حب الزينة وحب الظهور للناس بكامل زينتها والله سبحانه وتعالي العليم بحجم التضحية التي تقوم بها المرأة عند ارتدائها للحجاب الشرعي وبإذنه تعالي سيقبلها وسيجزيها خير الجزاء. هذا هو الوعد الرباني الذي لابد أن نركز عليه لنزيد من عزيمتنا ونثبت به أنفسنا أمام الفتن الدنيوية الشتي. فكما ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه" رواه أحمد. تقبل الله منا ومنكم وأعاننا علي ذكره وشكره وحسن عبادته.