دعا الإسلام اتباعه إلى النشاط وبذل الجهد وعدم التواني والاعتماد على الغير وكل هذا يتنافى مع الكسل ولهذا فإن الكسل من الأدواء التي تبدد الطاقات بل والأعمار بلا فائدة.
داء الكسل:ولما كان الكسل بهذه المنزلة الخبيثة صار مرضا اجتماعيا يستعيذ منه رسول الله ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال" متفق عليه.
وأردأ أنواع الكسل أن تكسل عن الطاعة فلا تؤديها أو تؤديها في غير وقتها فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة. فإن توضأ انحلت عقدة. فإن صلى انحلت عقدة ، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان".
فهي عقد كسل مضروب عليها بوساوس شيطانية، ومتى تراكمت على الإنسان صارت خبلا، وقد عبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا الخبل المقعد عن النشاط والهمة إلى طاعة الله وعبادته بأنه أثر خبيث من آثار وساوس الشيطان.
مقولات في ذم الكسل:
وردت أقوال ومقولات بل وحكم كثيرة في ذم الكسل منها ما قاله الإمام الراغب رحمه الله: (من تعطّل وتبطّل انسلخ من الإنسانية، بل من الحيوانية وصار من جنس الموتى).
وقيل: من تعود الكسل ومال إلى الراحة فَقَدَ الراحة، وقد قيل: إن أردت ألا تتعب فاتعب حتى لا تتعب ، وقيل أيضا: إياك والكسل والضجر ، فإنك إن كسلت لم تؤد حقا، وإن ضجرت فلن تصبر على الحق.
تصوير نبوي لخطورة الكسل عن العبادة:
روى البخاري ومسلم عن بن مسعود قال : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فقيل له: ما زال نائما حتى أصبح ، ما قام إلى الصلاة قال: "ذلك رجل بال الشيطان في أذنه" أو قال : "في أذنيه".
وبها فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو للسعي وبنشاط وهمّة دون كسل فقد ورد عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أنّ رجلا من الأنصار أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يسأله. فقال: "أما في بيتك شيء؟" قال: بلى، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه من الماء، قال: "ائتني بهما" فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده وقال: "من يشتري هذين؟" قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: "من يزيد على درهم؟" . مرّتين أو ثلاثا. قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إيّاه، وأخذ الدّرهمين وأعطاهما الأنصاريّ، وقال: "اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدّوما فأتني به" فأتاه به، فشدّ فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عودا بيده ثمّ قال له: "اذهب فاحتطب وبع، ولا أرينّك خمسة عشر يوما" فذهب الرّجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إنّ المسألة لا تصلح إلّا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع" رواه أبو داود.