من العلامات الكبرى لقيام الساعة الدخان.. فما معناه وهل وقع أم لا يزال منتظرا وما هيئته؟
ما الدخان؟
يطلق في اللغة على ما يتصاعد عند إيقاد الحطب، وهذا الدخان المذكور اختلف في ماهيته وفي زمن وقوعه، فقيل المراد به ما أصاب قريشا من الشدة والجوع عندما دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم حين لم يستجيبوا له ، فأصبحوا يرون السماء كهيئة الدخان.
جاء في التحرير والتنوير: قال أبو عبيدة وابن قتيبة: الدخان في الآية هو: الغبار الذي يتصاعد من الأرض من جراء الجفاف، وأن الغبار يسميه العرب دخانا، وهو الغبار الذي تثيره الرياح من الأرض الشديدة الجفاف.
وقد ذكر الله الدخان في القرآن في قوله تعالى في حق هذه العلامة: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان:١٠] أي: واضح بين {يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان:١١].
هل وقع الدخان أم لا يزال منتظرًا وقوعه؟
وقوع الدخان مختلف في هل وقع بالفعل أم لا.. وهذا الاختلاف أيده كثيرون فهناك من يرى أن الدخان وقع بالفعل وهذا الرأي اختاره ابن مسعود ومن افقه ومما يؤيد قول ابن مسعود لما حدث رجل من كندة عن الدخان وقال: إنه يجيء دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، غضب ابن مسعود رضي الله عنه وقال: من علم فليقل ، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم ، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم لا أعلم ، فإن الله قال لنبيه: قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين، وإن قريشا أبطؤوا الإسلام، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف . فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها، وأكلوا الميتة والعظام، ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان. رواه البخاري ومسلم.
وقيل: إن هذا الدخان من الآيات المنتظرة التي لم تجئ بعد، وسيقع قرب قيام الساعة، وإلى هذا القول ذهب ابن عباس وبعض الصحابة والتابعين، فقد روى الطبري وابن أبي حاتم عن عبدالله بن أبي مليكة قال: غدوت على ابن عباس رضي الله عنهما ذات يوم فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت. قلت: لم ؟ قال : قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق ، فما نمت حتى أصبحت.
ويمكن التوفيق بين الرأيين بأنه يحتمل أنهما دخانان للجمع بين هذه الآثار، وهو ما ذهب بعض العلماء إلى الجمع بين هذه الآثار بأنهما آيتان ظهرت إحداهما وبقيت الأخرى وهي التي ستقع آخر الزمان.
ماذا يحدث لو وقع الدخان؟
وإذا خرج الدخان فلا يقبل الله التوبة، وبعد ظهور هذا الدخان يبعث الله ريحاً ألين من الحرير، وظيفتها قبض أرواح المؤمنين على ظهر الأرض، فلا يبقى على ظهر الأرض مؤمن.
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (فلا تدع أحداً في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته، ويبقى شرار الخلق) أي: الكفرة الفجرة الذين لم يؤمنوا بالله عز وجل.
وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق).
والدخان هو آخر العلامات التي سيشهدها المؤمنون على ظهر الأرض، وبقية العلامات لا يراها المؤمنون، ولا يشهد عذابها الموحدون، بل لا تقوم إلا على الكفرة الفجرة من شرار الخلق.