عزيزي المسلم إن من أعظم من العبارات القُرآنية قوله تعالى: ( لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) وقوله: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، وقوله: (وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ).
فالقرآن يدعوك للرضا والتفاؤل ويبعث فيك الأمل دائمًا، فكيف بك تحزن أو تيأس أو تقنط من رحمات الله عز وجل؟.. ألست بمؤمن؟!.. بالتأكيد أنت مؤمن بالله طالما شهدت بوحدانيته سبحانه وتعالى وبرسالة نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم، فكيف بك تخشى الأيام والأحوال والعقبات، مهما كانت؟.
فقط دع الأمر كله لله، وسترى العجب العجاب، فمهما طال زمن البلاء، فالله هو الذي يستجيب الدعاء، ويكشف السوء والضراء، قال تعالى يؤكد ذلك: « أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ » (النمل: 62).
مواقف عصيبة
هذه مريم بنت عمران وقد مرت بموقف عصيب جدًا، وهي أنها تلد دون زوج بأمر من الله عز وجل، ومع ذلك قيل لها " فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ "، إذن عش حياتك ولا ترهق نفسك بالتفكير فالله عنده حسن التدبير.. فقط تذكر أن الله جل جلاله قال لعباده " لَا تَقْنَطُوا " وقال نبي الله يعقوب عليه السلام لأولاده " وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ " وقال نبي الله يوسف عليه السلام لأخيه: " لَا تَبْتَئِسْ ... ".
وقال نبي الله شعيب عليه السلام لنبي الله موسى عليه السلام: " لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ "، وقال نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي بكر رضي الله عنه: " لا تحزن ".. إذن نشر الطمأنينة في النفوس في ساعات القلق منهج إلهي نبوي.. فليعمل كل منا على نشر الطمأنينة والثقة بالله لأنه لابد من فرج قريب مهما طال الألم والوجع والحرمان.
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائلالحذر الأكبر
وليعلم كل مسلم، أن أكبر تحذير قدمه الأنبياء والعلماء لنا، هو اليأس من روح الله، فإن ذلك كبيرة عظيمة، وصفة ذميمة، بل هي صفة الكافرين؛ كما قال سبحانه: « إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ » (يوسف: 87)، فالكافر جاهل بالله، مكذب بصفاته، الكافر يعتقد أن الله لا يعلم، وأن الله لا يرحم، وأن الله لا يقدر على تفريج الكربات، الكافر يقف عند الأسباب، وينكر مسبب الأسباب.
أما المؤمن، فيعتقد أن الله إذا شاء تفريج كربة، هيأ لها أسبابها، فهو يأخذ بالسبب، ويعتمد على الله في تيسيره، كما قال الله تعالى: « لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ » (فصلت: 49).
فالأمر كله بيد الله، ومن لجأ إليه يستحيل أن يرده أبدًا خاليًا مهما طال الزمن، قال تعالى: «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ » (الحديد: 22، 23).