لا يمكن اعتبار المرأة شيئًا مرعبًا نخشى منه في مجتمع إسلامي ولا يمكن تصور ذلك .. والنصوص المفهوم منها الحذر من فتنة النساء إنما يقصد بها الابتعاد عما من شأنه يضر بإيمان المسلم.
ولا يعني التقليل من التهويل في فهم فتنة النساء التساهل المضر بإيمان العبد ذلك أن النساء فتنة للرجل بمعنى يمكن أن تفتنه عن دينه كما ان الرجل فتنة بالنسبة لها قال تعالى:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ} (آل عمران).
فتنة النساء:
وعلى المؤمن الواعي أن يتعامل مع النساء وفق ما حدد الشرع ولا يتساهل حتى لا يقع في الفتنة التي تضر به وتولجه المهالك من هنا بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم طبيعة النساء محذرا من التساهل ففي الحديث: "إن الدنيا حلوةٌ خضرةٌ . وإن اللهَ مستخلفُكم فيها ؛ فينظرُ كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساءَ ؛ فإن أولَ فتنةِ بني إسرائيلَ كانت في النساءِ".
بل لقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكل مباشر من هذه الفتنة حين قال" ما تَركتُ بَعدي فِتنَةً أضرَّ على الرجالِ منَ النساءِ".
الخوف من الوقوع في الشهوات:
والخوف من اتباع الهوى والنفس الضعيفة شأنه شأن ابتع الشهوات المضرة والتي يلزم للمؤمن الواعي الاحتياط منها وأخذ الحذر ينجو منها ويكتب له الأجر قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)}(النازعات).
التعامل مع النساء بضوابط:
إذا دعت الحاجة للتعامل مع النساء الأجنبيات فإن هذا لا يعني التفريط كما لالا يعني التشدد ولكن نتعامل مع الأمر وفق ضوابط ولهذا أمر الله به في كتابه { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)}(النور).
ووعد الرسول من يحافظ على فرجه من أن يقع في الحرام بالجنة ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة".
إحصان الفرج:
وورد في السيرة النبوية كثير من الأحداث والمواقف التي تظهر ثواب وفضل من يحصن فرجه منها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينما ثلاثةُ نفرٍ يتمشون أخذهم المطرُ . فأووا إلى غارٍ في جبلٍ . فانحطت على فمِ غارِهم صخرةٌ من الجبلِ . فانطبقت عليهم . فقال بعضُهم لبعضٍ : انظروا أعمالًا عملتموها صالحةً للهِ ، فادعوا اللهَ تعالى بها ، لعل اللهَ يفرجُها عنكم... فقال أحدُهم : اللهمّ ! إنه كان لي ابنةُ عمٍّ أحببتُها كأشدِّ ما يحبُّ الرجالُ من النساءِ . وطلبتُ إليها نفسَها . فأبتْ حتى آتيها بمائةِ دينارٍ . فتعبتُ حتى جمعتُ مائةَ دينارٍ . فجئتُها بها . فلما وقعتُ بين رجليها . قالت يا عبدَالله ! اتقِ اللهَ . ولا تفتحِ الخاتمَ إلا بحقِّه . فقمتُ عنها . فإن كنتَ تعلم أني فعلتُ ذلك ابتغاء وجهِك ، فافرجْ لنا منها فرجةً . ففرج لهم ".
وبهذا يعلم أن الطاعة تنفعك وقت الأزمة فهذا الرجل حينما كان يتقي الله تعالى نفعه إيمانه ونفعته طاعته ومن طاعته أنه امتنع عن الحرام.
فمن صبر على هذه الفتنة ولم يتلوث بالحرام فيها كان من السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله، كما في الحديث الصحيح الذي عد فيه هؤلاء السبعة ومنهم: " ...رجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله".
الخلوة بالمرأة:
ومن أهم الضوابط التي ينبغي مراعاتها عند التعامل مع النساء ألا يخلو رجل بامرأة
لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يخلونَّ رجل بامرأة، ولا تسافرنَّ امرأة إلا ومعها مَحرم"، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إني اكتُتبتُ في غزوة كذا وكذا، وخرجتِ امرأتي حاجَّة، قال: "اذهب فحجَّ مع امرأتك"، وقوله "لا يخلونَّ رجل بامرأة إلَّا كان ثالثهما الشيطان".
وبهذا يظهر أن الإسلام بشرعه وتعاليمه يحفظ على المسلم دينه ويضبط التعامل حتى لا يقع المؤمن فريسة الهوى وضعف النفس.