التواضع يرفع العبد ويعلي مكانته فمن تواضع لله رفعه الله .. فالتواضع لله إذا لا يقلل من كرامة الإنسان ولا ينقص من قدره كما يشاع بل يرفعه بين الناس فيحبهم ويحبونه.
تواضع الرسول:
وخير المتواضعين رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو صاحب لخلق الرفيع الذي زكاه ربه بقوله وإنك لعلى خلق عظيم.
وتواضع النبي لم يكن خلقا طارئا بل أصيلا عاش به في كل حياته وفي كل أحواله حال الفرح والحزن فهو خلق أصيل ومما يبين حرص النبي على التواضع إنكاره على من يخاف منه ويهابه فعن قيس بن أبي حازم أن رجلاً أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بين يديه فأخذته رعدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هوّن عليك فإني لست بملك ، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد) ـ
نماذج من تواضع النبي:
ونماذج تواضع النبي أكثر من أن تحصى لكن الشاهد فيها كلها أن لم يكن يحب ما يفعله الناس للملوك من إطراء زائد بل يتواضع من رعيته ومع خدمه .. يتواضع بلسانه وفعله؛ فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً على عصاً ، فقمنا له ، قال :( لا تقوموا كما يقوم الأعاجم ، يعظِّم بعضهم بعضاً) رواه أحمد وأبو داود وهذا خلاف ما يفعله بعض المتكبرين من حبهم لتعظيم الناس لهم ، وغضبهم عليهم إذا لم يقوموا لهم ، وقد قال عليه الصلاة والسلام ( من أحب أن يتمثَّل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار) رواه أحمد والترمذي و أبو داوود.
ملازمة النبي للتواضع في جميع أحواله:
وممن يتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ويحلل أوقاله مواقفه يجدها مليئة بالتواضع الذي لا يحتاج لإعمال فكر فهو ظاهر في قوله وفعله فخلق التواضع كان سمةً ملازمةً له صلى الله عليه وسلم في حياته كلها، في جلوسه ، وفي ركوبه ، وفي أكله ، وفي شأنه كله ، ففي أكله وجلوسه نجده يقول (إنما أنا عبد، آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد) رواه ابن حبان ، وفي ركوبه يركب ما يركب عامة الناس، فركب صلى الله عليه وسلم البعير و الحمار والبغلة والفرس، قال أنس رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض، ويشهد الجنازة، ويجيب دعوة العبد، وكان يوم بني قريظة على حمار مخطوم بحبل من ليف ) رواه الترمذي.