يحظى فيلم الشيماء بشهرة واسعة في الدراما المصرية، والذي ييحتوي على مساحة كبيرة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم بوقائع نسفها عدد كبير من العلماء، فما هي حقيقة هذه الشخصية وهل كانت الشيماء مسلمة أم كافرة، وهل كانت صاحبة دور مؤثر في الإسلام؟ أم أنه كان هناك مبالغة في تسليط الضوء على شخصيتها.
قال ابن إسحاق : حدثني بعض بني سعد بن بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم هوازن : " إن قدرتم على بجاد - رجل من بني سعد بن بكر - فلا يفلتنكم " . وكان قد أحدث حدثا ، فلما ظفر به المسلمون ساقوه وأهله ، وساقوا معه الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى ، أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ، قال : فعنفوا عليها في السوق ، فقالت للمسلمين : تعلموا والله إني لأخت صاحبكم من الرضاعة . فلم يصدقوها حتى أتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم . .
اظهار أخبار متعلقة
قال ابن إسحاق : فحدثني يزيد بن عبيد السعدي - هو أبو وجزة - قال : فلما انتهي بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : يا رسول الله ، إني أختك من الرضاعة . قال : " وما علامة ذلك؟ " قالت : عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك . قال : فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة ، فبسط لها رداءه فأجلسها عليه ، وخيرها وقال : إن أحببت فعندي محبة مكرمة ، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلت " . قالت : بل تمتعني وتردني إلى قومي .
فمتعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وردها إلى قومها ، فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاما يقال له : مكحول، وجارية ، فزوجت أحدهما الآخر ، فلم يزل فيهم من نسلهما بقية .
حديثها إلى النبي
وروى البيهقي من حديث الحكم بن عبد الملك عن قتادة قال : لما كان يوم فتح هوازن جاءت جارية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله أنا أختك ، أنا شيماء بنت الحارث.
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " إن تكوني صادقة ، فإن بك مني أثر لا يبلى " . قال : فكشفت عن عضدها ، فقالت : نعم يا رسول الله ، وأنت صغير ، فعضضتني هذه العضة . قال : فبسط لها رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه ، ثم قال : " سلي تعطي ، واشفعي تشفعي " . .
وقال البيهقي أنبأنا أبو نصر بن قتادة أنبأنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد السلمي ثنا أبو مسلم ثنا أبو عاصم ثنا جعفر بن يحيى بن ثوبان أخبرني عمي عمارة بن ثوبان أن أبا الطفيل أخبره قال : كنت غلاما أحمل عظم البعير ، ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لحما بالجعرانة . قال : فجاءته امرأة فبسط لها رداءه ، فقلت : من هذه؟ قالوا : أمه التي أرضعته هذا حديث غريب ، ولعله يريد أخته ، وقد كانت تحضنه مع أمها حليمة السعدية ، وإن كان محفوظا فقد عمرت حليمة دهرا ، فإن من وقت أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقت الجعرانة أزيد من ستين سنة ، وأقل ما كان عمرها حين أرضعته صلى الله عليه وسلم ، ثلاثون سنة ، ثم الله أعلم بما عاشت بعد ذلك .
اقرأ أيضا:
"واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة".. هل سمعت هذا المعنى من قبل؟خقيقة إسلامها
وبهذا الفيلم الذي يقدم الشيماء كـ"صحابية جليلة" وصاحبة فضل على الإسلام، بوصفها من السابقين الأولين الذين أشهروا إسلامهم في قومها وأنها هجرت زوجها يبجاد، تغني طوال النبي في مناسبة الهجرة، وفي حب النبي، لم يكن صحيحًا، إذ لم يثبت عن أحد إسلامها على الإطلاق، بل إن أغلب العلماء قالوا بأنها ماتت كافرة.
كما زيف الفيلم قصة هذه البطلة الوهمية التي تجمع للنبي صلى الله عليه وسلم ولقومه الغذاء عندما كانوا محاصرين في الصحراء في شعب أبي طالب، وكل هذا كذب بواح مفضوح بالقراءة في أي مرجع من مراجع وكتب السيرة النبوية الشريفة، كما زيف الفيلم أن الشيماء كانت صغيرة في السن عندما أعلنت إسلامها، المشكوك فيه أصلاً.
بينما الحقيقة تؤكد أنها كانت تكبر الرسول صلى الله عليه وسلن بحولي 10 سنوات تقريباً، لأنها عندما قابلت النبي في الجعرانة وهو الموقف الوحيد الذي قابلته فيه صلى الله عليه وسلم، بعد فترة صباه، كانت عجوز شمطاء، وقالت للصحابة عندما ساقوها بين السبي، "إني لأخت صاحبكم من الرضاعة".