مثل من يقرأ القرآن بألحان مثل ملك أمر المنادي أن ينادي في الرعية بوعيد هائل يكاد أن تشيب منه الرؤوس فنادى بنداء طرب فيه وتغنى وجاء بألحان السرور أفليس يمقته الملك على ذلك ويغيظه.
قراءة السلف:
1-روي عن إبراهيم النخعي رحمه الله أنه كان إذا مر بقوله " وقالوا اتخذ الله ولدا" خفض صوته.
2- وروي عن بعض التابعين أنه قرأ سورة الفرقان أربعين ليلة فكان كل ليلة إذا بلغ إلى قوله " قالوا وما الرحمن" سقط مغشيا عليه فتعاهدوا ذلك أربعين ليلة كلما بلغ هذه الآية سقط ولم يقدر أن يجاوزها.
3- هذه هي صفة المنتبه لما يتلو فمن اتبع لتلاوته وقراءته لبطنه فإذا أتى على مثل هذه الآية انقطع صوته وتراجع في حلقه وإذا أتى على العقاب أعيا وإذا قطع المفاوز عطش ونصب وإذا قطع البساتين والرياض طرب وإذا طعم الأغراس سكر لأن الأشربة الصافية الصرفة كائنة في الأغراس فذلك وقت الوله إلى الله تعالى ولهت قلوبهم عن كل شيء سواه وإذا أتى على أرض شاكة أن وضاق عليه الطريق وإذا أتى على أرض بها سباع أرعد خوفا وإذا أتى على بلاء العدو تحير واستغاث وصرخ إلى ربه فهذه أحوال كائنة في قلوب المنتبهين الذين قرأوا القرآن لباطنه فتحولت قلوبهم على تحول معاني ما يتلون وربما هالهم في تلك الفلاة لا يحطون في تلك المواضع أثقالهم فإذا نزلوا استراحوا وذلك لطف من الله تعالى يلطف به عبده لما يرى مما حل بقلبه من النصب والتعب في قطع هذا الطريق.
اقرأ أيضا:
ما الفرق بين النفخة الأولى والثانية؟ وما معنى صعق؟ وما حالة الأموات في القبور قبل نفخة البعث؟!حكم وفوائد:
1-لو أن رجلا تلا هذه الآية { " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله" أو تلا هذه الآية : " فوربك لنسألنهم أجمعين" أو تلا " إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون" ثم قال في آخر ذلك " ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون" فهو يرى نفسه في الفرح والمرح إلى قرنه وقدمه فرجع بقراءة هذه الآيات وطرب وجاء بألحان السرور.
2- ثم قرأ "وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا" " يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم" فأخذ يتحازن ويخفض في صوته وترجيعه ويئنّ فيها ويخرج صوته أصوات الثكالى وإذا قرأ قوله تعالى " يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" يغني في صوته ولحنه وأرسل كل صوت كالمتنشط المسرور.
3- وإذا قرأ صفة الجود " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" تمثل في تلاوته كهيئة أهل المصائب وذبل وانكسر.
4- لو أن عبدا من عبيد أهل الدنيا بشره مولاه بشيء أو أمّله نوالا أو أطمعه في بشرى انقبض وعبس وجهه أو إذا أوعده أو وبخه في شيء انبسط وضحك في وجهه لمقته.
5- ولو أن رجلا قال في مولاه سوءا فلفظ به العبد على الجهر والتصريح لمقته فإذا تلا التالي تلك المقالات التي حكى الله تعالى عن أعدائه من الفراعنة جهر بها وطرب بها خيف عليه المقت.