محبة النبي صلى الله عليه وسلم هي المنزلة التي يَتنافَس فيها المتنافِسون، ويتفانى المحبُّون، ومَحَبَّة المصطفى والاقتداء به حياة، مَن حُرمها فهو مِن جملة الأموات، فلا حياة للقلوب إلا بمحبة الله ومحبة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم والاقتداءِ به.
فالمحبون للنبي صلى الله عليه وسلم والمتبعون له، قرَّت أعينُهم بحبيبهم، وسَكنَت نفوسُهم إليه، واطمأنَّتْ قلوبهم به، واستأنَسوا بقُربه، وتنعَّموا بمحبته، وصاروا أعزَّةً في الدنيا وسادةً، وعلى العكس الذين ابتعدوا عن حبه صلى الله عليه وسلم فهم حرموا أنفسهم الخير كله والنجاة كلها.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان يمشي مع عمر بن الخطاب وقال عمر للنبيك " والله أني أحبك يا رسول الله.. فقال له النبي أكثر من نفسك وولدك .. فأجاب عمر : لا.. فقال النبي: والله لن تؤمن حتى أكون أحب إليك من نفسك وولدك.. وعلى الفور أعلن عمر حبه للنبي أكثر من نفسه وولده ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: الأن يا عمر".
اقرأ أيضا:
يتعامل النبي مع المخطئين بطريقة رائعة.. تعرف على جانب مضيء من دعوته بالرفق واللبينومن نماذج المحبِّين:
1/ عبد الله بن زيد رضي الله عنه؛ كان يَعمَل في حديقة له، فأتاه ابنُه فأخبرَه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد تُوُفِّي، فقال: اللهمَّ أَذْهِبْ بَصَري؛ حتى لا أرى بعد حبيبي محمد أحدًا، فكُفَّ بَصَرُه واستجاب الله دعاءه.
2/ بلال الحبشي مؤذن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ نشأ منذ إيمانه على حُبِّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى جاءه الموتُ، فسمع بعضَ أهلِه يقول: (واكرباه!) فإذا بلال قد فتح عينه مبتسمًا ثغرُه قائلًا: واطرَباه؛ غدًا نلقى الأحبَّة، محمدًا وحزبه.
3/ عبد الله الزبير رضي الله عنه إذا ذُكِرَ عنده النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع.
4/المرأة الأنصارية: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾ [يونس: 58]، التي قُتل أبوها وأخوها وزوجُها يومَ أُحُدٍ مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقالت: ما فَعَلَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قالوا: خيرًا هو بحمد الله كما تحبِّين، فقالت: أرونيه، حتى أنظر إليه، فلمَّا رأتْه، قالت: كلُّ مصيبةٍ بَعدَك جَلَلٌ يا رسول الله.
5/حدَّث عمرو بن العاص يومًا، فقال: ما كان أَحَدٌ أَحَبَّ إليَّ مِن رسولِ الله، ولا أَجَلَّ في عيني منه، وما كنتُ أطيق أن أملأ عيني منه؛ إجلالًا له، ولو سُئلْتُ أنْ أصِفَهُ ما أَطَقْتُ؛ لأني لم أكُن أملأ عيني منه.
6/ عروة بن مسعود حين وجَّهَتْه قريشٌ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ صُلْح الحديبية، ورأى مِن تعظيمِ أصحابِ رسولِ الله، ومَحَبَّتهم له ما رأى، وأنه لا يتوضأ إلا ابتَدَروا وَضُوءَه، وكادوا يقتتلون عليه، ولا يَبصُق بصاقًا، ولا يتنخَّم نخامة، إلا تلقَّوه بأكفِّهم، فدلكوا بها وجوهَهم وأجسادَهم، ولا تَسقُط منه شعرة إلا ابتَدَروها، وإذا أَمَرَهم بأمر ابتدروا أَمْرَه، وإذا تكلَّم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له.
ورُوي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ أنه إذا حَدَّث، فقال: (قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم) علاه كَرْبٌ، وتَحَدَّرَ العرقُ مِن جَبِينِه رضي الله عنه وأرضاه.