توصلت دراسة حديثة إلى أن تناول حمض الفوليك قد يقلل من خطر الانتحار.

ووفقًا للدراسة، التي شملت أكثر من 800 ألف أميركي في قاعدة بيانات للرعاية الصحية، فإنه عندما يتناول الناس حمض الفوليك بوصفة طبية، فإن احتمالية علاجهم من إيذاء النفس أو محاولة الانتحار تنخفض بنسبة 44 في المائة.

وحمض الفوليك، وهو الشكل الاصطناعي لفيتامين ب 9 ، أو مكملات الفولات، يستخدم في المكملات الغذائية ويضاف إلى بعض الأطعمة.

مع ذلك، أكد الخبراء أن النتائج الجديدة لا تثبت أن حمض الفوليك في حد ذاته يقلل من مخاطر الانتحار.

وقال كبير الباحثين روبرت جيبونز، الأستاذ بجامعة شيكاغو: "لن أهرع إلى الصيدلية للحصول على حمض الفوليك. وبالتأكيد لن أستبدل أي تقييم طبي، أو رعاية مستمرة، بمكملات".

وأضاف أنه لإثبات أن حمض الفوليك له تأثير مباشر على السلوك الانتحاري، فسوف يتطلب الأمر تجربة إكلينيكية حيث يتم تعيين الأشخاص بشكل عشوائي لتناول الفيتامين أم لا.

فيتامين ب 9 والصحة العقلية

لكن الدراسة، التي نُشرت في دورية "جاما للطب النفسي" تعزز الأدلة التي تربط فيتامين ب 9 بالصحة العقلية.

وربطت الأبحاث السابقة مستويات حمض الفوليك المنخفضة في الدم بالاكتئاب. وعند تقييم مرضى الاكتئاب، يطلب بعض المتخصصين في الصحة العقلية إجراء اختبارات الدم لقياس حمض الفوليك، وكذلك الفيتامينات د وب 12 (حيث تم ربط النقص في هذه العناصر الغذائية بأعراض الاكتئاب أيضًا).

قالت الدكتورة كريستين كروفورد، طبيبة نفسية ومديرة طبية مساعدة في التحالف الوطني للأمراض العقلية غير الربحي: "أفعل ذلك طوال الوقت".

ووافقت كروفورد، التي لم تشارك في الدراسة الجديدة، على أن الأدلة تدعم إجراء تجربة سريرية.

لكن بالنظر إلى أن حمض الفوليك منخفض المخاطر، أشارت إلى أن المرضى الذين يعالجون بالفعل من الاكتئاب يمكنهم التحدث إلى مزودهم حول إضافة الفيتامين.

وتابعت، وفقٌا لوكالة "يو بي آي": "هذا ليس شيئًا يجب أن يحل محل العلاج القياسي لأمراض الصحة العقلية". "ولكن يمكن استخدامه مع ذلك"، بالإضافة إلى ذلك، قالت: إذا كان الحديث عن حمض الفوليك يساعد في "تطبيع الحديث حول الانتحار"، فسيكون ذلك تأثيرًا مهمًا أيضًا.

الدراسة الجديدة استندت إلى دراسة أخرى أجراها جيبونز وزملاؤه في عام 2019 ، حيث نظروا في العلاقة بين جميع الأدوية المتاحة بوصفة طبية ومخاطر الانتحار.

اقرأ أيضا:

دراسة: الإجهاد المزمن يسرع انتشار سرطان القولون بشكل كبير

44 دواءً يخفض مخاطر الانتحار

واتضح أن 44 دواءً كانت مرتبطة بانخفاض المخاطر، ومن المدهش أن حمض الفوليك كان من بينها.

قال جيبونز إن الباحثين اعتقدوا في البداية أن السبب في ذلك قد يكون بسبب الشخص الذي يتناول حمض الفوليك: غالبًا ما تفعل النساء الحوامل ذلك لتقليل مخاطر حدوث عيوب خلقية معينة. لذلك أجروا تحليلاً آخر للمرضى الذكور فقط"، مع ذلك: "رأينا نفس الارتباط لدى الرجال".

من أجل التحليل الجديد، لجأ الباحثون إلى قاعدة بيانات مطالبات التأمين التي تحتوي على معلومات عن أكثر من 866 ألف أمريكي حصلوا على حمض الفوليك بوصفة طبية بين عامي 2012 و 2017.

ونظرًا لأنه قد يكون هناك العديد من الاختلافات بين الأشخاص الذين يستخدمون حمض الفوليك وأولئك الذين لا يستخدمونه، فقد نظر الباحثون في السؤال بطريقة مختلفة: ما هو خطر إيذاء النفس أو محاولة الانتحار خلال فترة كان المرضى يتناولون فيها حمض الفوليك، مقابل عندما لم يكونوا كذلك؟

ووجدت الدراسة أن معدل إيذاء النفس / محاولة الانتحار انخفض إلى النصف تقريبًا عندما كانوا يستخدمون حمض الفوليك. وزكان هناك ما يقل قليلاً عن خمس حوادث من هذا القبيل لكل 100 ألف شخص كل شهر. بالمقارنة مع معدل يزيد عن 10 لكل 100 ألف شخص خلال الأشهر التي يستخدموا فيها حمض الفوليك.

وعندما وازن الباحثون العوامل الأخرى - مثل العمر والجنس وتاريخ تشخيصات الصحة العقلية - كان استخدام حمض الفوليك لا يزال مرتبطًا بالانخفاض بنسبة 44 في المائة في مخاطر محاولة الانتحار / إيذاء النفس.

وقال جيبونز إنه لا يزال هناك احتمال آخر: ربما يكون الأشخاص الذين يستخدمون المكملات التي تستلزم وصفة طبية مهتمين بشكل خاص بتعزيز صحتهم ، وهذا يفسر الارتباط.

وقال جيبونز إن بعض الأدوية - مثل الميثوتريكسات الموصوفة لالتهاب المفاصل الروماتويدي - "تقضي" على مستويات حمض الفوليك لدى المستخدمين. لذلك يصف الأطباء عادة حمض الفوليك للمرضى الذين يتناولون هذه الأدوية.

ويخطط الباحثون لاختبار حمض الفوليك في تجربة سريرية، للنظر في ما إذا كان المكمل يمكن أن يقلل من الأفكار والسلوكيات الانتحارية.

قال جيبونز: "حمض الفوليك غير مكلف ومتوفر على نطاق واسع وليس له آثار جانبية. إذا كانت هذه العلاقة سببية، فكر في كل الأرواح التي يمكن إنقاذها".