أشتغل في الأمن في كومباوند، وسكني تحت الإنشاء، ولا يوجد جامع بالجوار، فهل يجوز أن أصلي الجمعة بمفردي؟ أم لا بد أن أصليها ظهرا، مع العلم أنه ممنوع ترك مكان خدمتي؟.
قال مركز الفتوى بإسلام ويب: عدم وجود مسجد في الجوار، لا يبرر التخلف عن الجمعة، إذا كانت تقام في المدينة التي أنت فيها، ويجب عليك السعي إليها، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {سورة الجمعة:9}.
وأما كونك تعمل، ولا يسمح لك بترك العمل: فإن كنت تجد عملا آخر، لا تُمنع فيه مما أمرك الله به، من شهود الجمعة فاترك هذا العمل الذي يمنعك، وانتقل لغيره، ولا يكون عملك هذا عذرا في التخلف عن الجمعة، ما دمت تجد غيره، لأنك مطالب بالسعي إلى الجمعة، وترك ما يُشغِلُ عنها، كما في الآية السابقة: فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ـ وإن لم تجد غيره، وأمكنك أن تأخذ إجازة يوم الجمعة، وجب عليك السعي إليها، لأنك قادر على حضور الجمعة بأخذ الإجازة، وإن لم يمكن هذا، ولا ذاك، وعلمت أنك لو ذهبت لطردت من العمل، أو نقص من راتبك ما تتضرر به، فنرجو أن لا حرج عليك في التخلف عنها، وتصلي ظهرا حينئذ، ولا تصلي جمعة.
المركز قال في فتوى سابقة عن التخلف عن صلاة الجمعة بسبب بعد السكن: يجب عليك -أخي السائل- السعي لصلاة الجمعة في المدينة، ولو كنت خارجها، إذا كانت المسافة التي بينك وبين الجامع الذي تصلي فيه، أقل من فرسخ، قال ابن قدامة في المغني: أَمَّا أَهْلُ الْمِصْرِ فَيَلْزَمُهُمْ كُلَّهُمْ الْجُمُعَةُ، بَعُدُوا أَوْ قَرُبُوا. قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا أَهْلُ الْمِصْرِ، فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ شُهُودِهَا، سَمِعُوا النِّدَاءَ أَوْ لَمْ يَسْمَعُوا; وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَلَدَ الْوَاحِدَ بُنِيَ لِلْجُمُعَةِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، ... فَأَمَّا غَيْرُ أَهْلِ الْمِصْرِ، فَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَامِعِ فَرْسَخٌ فَمَا دُونَ، فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ، فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ.
والفرسخ ثلاثة أميال، أي: قرابة خمس كيلومترات، فاذهب -أخي السائل- إلى الجمعة؛ امتثالًا لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة: 9}.
قال السعدي في تفسيره: يأمر تعالى عباده المؤمنين بالحضور لصلاة الجمعة، والمبادرة إليها، من حين ينادى لها، والسعي إليها، والمراد بالسعي هنا: المبادرة إليها، والاهتمام لها، وجعلها أهم الأشغال .. وقوله: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} أي: اتركوا البيع إذا نودي للصلاة، وامضوا إليها، فإن {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} من اشتغالكم بالبيع، وتفويتكم الصلاة الفريضة، التي هي من آكد الفروض {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أن ما عند الله خير وأبقى، وأن من آثر الدنيا على الدين، فقد خسر الخسارة الحقيقية، من حيث ظن أنه يربح.
اقرأ أيضا:
انشغالي بالعمل يجعلني غير حريص بالسنن والمستحبات..هل علي إثم؟اقرأ أيضا:
هل توجد سورة في القرآن لتقوية الذاكرة وعلاج النسيان؟ (الإفتاء تجيب)