أعيش في أمريكا منذ 5 سنوات، وعمري 15 سنة، وأحاول قدر ما أستطيع أن أطيع والديّ، وأن أرضيهما، وأعتقد أنهما راضيين عني، ولكن هناك ما يضايقني، فأمّي قد قالت لي أكثر من مرة: إنني لا أستحي، أو لا أخجل، أو لا أمتلك حياء، وأمّي صريحة معي دائمًا، وتكلّمني بكل ما يضايقها، وأنا أكلّمها بكل ما يضايقني، ولكني لا أرى أنني قليلة الحياء. نعم، توجد مواقف يقلّ حيائي فيها، لكنني لست الوحيدة.
أحاول كثيرًا أن أتقرّب إلى الله، وأن ألتزم بصلاتي، ولست بعيدة من الله ذلك البُعْد، ولكن أمّي تكسر قلبي بحديثها؛ فالله يحب الحياء، وهي تشعرني أنني لا أعلم شيئًا عن الحياء، فما الحياء؟ وكيف أَتعوَّد عليه؟ وكيف أرضي أمّي، وأريها أنني أمتلك حياء؟ وأنا لا أستطيع التحكّم بنفسي، ولا بغضبي، وأمّي تعتقد أنني قليلة أدب وحياء؛ لأنني أغضب كثيرًا، ولا أستطيع أن أجاهد نفسي على العبادة، ويجب أن يُمسِك أحد بيدي ويشدّني لكي ألتزم، وهذا الشيء يضايقني جدًّا، فكيف أتحكّم بنفسي؟ وكيف ألتزم بالعبادة؟
قال مركز الفتوى بإسلام ويب: جزاك الله خيرًا على حرصك على رضا والديك، ونسأله -تعالى- أن يحقّق لك ذلك؛ فيُكسِبك رضاهما، ويرضى عنك، جاء في سنن الترمذي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
والأخلاق -ومنها الحياء- يمكن أن تُكتَسب، فقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومن يتصبّر يصبّره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر.
وفي الحديث الذي رواه الطبراني أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، مَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ.
ومما يعين على التخُلّق بخلق الحياء جملة أمور، نذكر لك منها:
أولًا: قراءة النصوص الدالة على فضله؛ فاستحضار الفضائل يبعث الهمّة إلى العمل، ويشحَذُ النفس إلى الجدّ والاجتهاد، ويكفي الحياء فضلًا أنه من الإيمان، وأنه خيرٌ كله، وأنه لا يأتي إلا بخير، كما ثبتت بذلك كله السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: قراءة نصوص السنة الدالة على شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم، والاطّلاع على كتب السيرة والشمائل، التي تبيّن المواقف العملية التي تدل على حيائه عليه الصلاة والسلام.
ثالثًا: الاطّلاع على سير السلف الصالح -من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم-؛ فالقصص والأخبار والسير من أفضل وسائل التربية.
رابعًا: صحبة الصالحات، ولا سيما المتّصفات بخُلُق الحياء؛ فالصديق يؤثّر على صديقه في دِينه وخُلُقه، كما في الحديث الذي رواه أبو داود، والترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل على دِين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل.
وصحبة الصالحات من أعظم ما يعينك على الاستقامة على الطاعة، والنشاط في العبادة.
هذا بالإضافة إلى الحرص على العلم النافع، وحضور مجالس الخير.
والغضب من الشيطان، وبابٌ لكثير من الشرور؛ لذلك جاءت السنة بالتحذير منه، وبيّنت أسباب علاجه.
ونختم القول بتوجيهك إلى التفاهم مع أمّك لمعرفة حقيقة ما تقصده بوصفها لك بأنك لا تستحين، ومعالجة الأمر، إن كانت محقّة فيما قالت.
اقرأ أيضا:
انشغالي بالعمل يجعلني غير حريص بالسنن والمستحبات..هل علي إثم؟اقرأ أيضا:
هل توجد سورة في القرآن لتقوية الذاكرة وعلاج النسيان؟ (الإفتاء تجيب)