دار الإفتاء المصرية ردت علي هذا التساؤل تجوز الوصية للوارث وغيره في حدود الثلث بغير حاجة إلى إذن الورثة، وتجوز فيما زاد عن الثلث ولا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها بقية الورثة وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه، فإذا أجازها في الزيادة بعضهم دون بعض نفذت في حق المجيز فقط دون غير المجيز.
واشارت الدار في الفتوي المنشورة علي بوابتها الاليكترونية الي أن وهذا ما عليه الفتوى والقضاء في الديار المصرية، وعليه نصَّ القانون المصري رقم 71 لعام 1946م، وهو أحد الأقوال الشرعية في المسألة؛ ولا يجوز إنكار المختلف فيه، والقاعدة الفقهية أن "حكم الحاكم يرفع الخلاف ظاهرًا وباطنًا"، وتنفيذ الوصايا يكون قبل تقسيم التركة؛ لقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: 11].
وقالت الدار : إن المُوصَى به أقل من ثلث التركة: فنفيد بأنه يجب على الورثة تنفيذ الوصية المذكورة، وأنَّ الأمر لا يحتاج إلى إذنهم، وأنَّ عدم تنفيذها يكون من أكل أموال الناس بالباطل.
من ناحية أخري ردت الدار علي تساؤل نصه :فرع الميت الذي يستحق وصية واجبة يشترط فيه أن يكون غير وارث طبقًا لنص المادة 76 من القانون. فما قولكم إذا كان هذا الفرع عاصبًا، فهو وارث حكمًا، ولكن استحق التركة أصحاب الفروض، فلم يبقَ له شيء؛ مثل: توفيت امرأة عن بنتين، أبوين، زوج، ابن ابن. فإن للبنتين الثلثين، ولكل واحد من الأبوين السدس، وللزوج الربع، ففي المسألة عول، ومن ثم فلا شيء لابن الابن. فما موقف قانون الوصية الواجبة منه؟ هل تركه في مثل هذه الحالة يكون فيه قصور؟ أم أنه يستحق وصية واجبة ونصوص القانون لم تتناوله؟
الدار قالت في معرض ردها علي هذا التساؤل بالقول :يستحق ابن الابن في هذه الحالة وصية واجبة؛ لدخوله في نطاق حكم المادة 76 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946م المعمول به من أول أغسطس سنة 1946م بشروطها باعتبار أن هدفها هو تعويض الفرع عما فات من ميراث أصله..
وأشارت الدار إلي أن إن المادة 76 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946م المعمول به من أول أغسطس سنة 1946م قد جرى نصها بما يلي: [إذا لم يوصِ الميت لفرع ولده الذي مات في حياته أو مات معه ولو حكمًا بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثًا في تركته لو كان حيًّا عند موته وجبت للفرع في التركة وصية بقدر هذا النصيب في حدود الثلث بشرط أن يكون غير وارث، وألا يكون الميت قد أعطاه بغير عِوض عن طريق تصرف آخر قدر ما يَجبُ له،وتابعت الدار قائلة :وإن كان ما أعطاه أقلَّ منه وجبت له وصية بقدر ما يكمله، وتكون هذه الوصية لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات ولأولاد الأبناء من أولاد الظهور وإن نزلوا، على أن يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره وأن يقسم نصيب كل أصل على فرعه وإن نزل قسمة الميراث كما لو كان أصله أو أصوله الذين يدلي بهم إلى الميت ماتوا بعده وكان موتهم مرتبًّا كترتيب الطبقات] اهـ.
وبحسب فتوي الدار فقد أفصحت المذكرة الإيضاحية لقانون الوصية عما استهدفه هذا النص وتغياه فقالت: المواد 76، 77، 78 وضعت لتلافي حالة كثرت منها الشكوى وهي حالة الأحفاد الذين يموت آباؤهم في حياة أبيهم أو أمهم أو يموتون معهم، ولو حكمًا كالغرقى والهدمى والحرقى، فإن هؤلاء قلَّمَا يرثون بعد موت جدهم أو جدتهم؛ لوجود من يحجبهم من الميراث،
وعاد فتوي الدار للقول :مع أن آباءهم قد يكونون ممن شاركوا في بناء الثروة التي تركها الميت، وقد يكونون في عياله يَمُونَهُم، وأحب شيء إلى نفسه أن يوصي لهم بشيء من ماله ولكن المنية عاجلته فلم يفعل شيئًا، أو حالت بينه وبين ذلك مؤثرات وقتية، وقد تضمنت هذه المادة أنهم إذا كانوا غير وارثين ولم يوصِ لهم الجد أو الجدة بمثل نصيب أصلهم فإن الوصية تجب لهم بإيجاب الله تعالى بمثل هذا النصيب على ألا يزيد على الثلث.
وتابعت :لما كان ذلك كان ما هدف إليه نص المادة 76 وما بعدها هو إيجاب وصية للفرع الذي مات أصله في حياة أبيه أو أمه بشروط هي:
1- أن يكون هذا الفرع غير وارث.
2- أن يكون موجودًا على قيد الحياة عند موت المورث جده أو جدته مثلًا.
3- أن يكون عن أولاد الظهور أو الطبقة الأولى من أولاد البنات.
4- وأن لا يكون الفرع ممنوعًا من ميراث أصله ولا محجوبًا به.
5- وأن لا يكون للفرع نصيب في الميراث من التركة التي وجبت فيها الوصية.
6- وأن لا يكون المتوفى قد أعطى فرعه المستحق للوصية الواجبة ما يساوي نصيب أصله بطريق التبرع، فإن كان قد أعطاه بلا مقابل فلا حق له بطريق هذه الوصية إلا إذا كان ما أخذه أنقص من استحقاقه فيستكمل له.
فإذا قام بالفرع سبب من أسباب الإرث، وتوافرت له شروطه، وانتفت عنه موانعه، ولم يوجد وارث أولى منه، ولكنه لم يرث؛ لأنه عاصب وقد استغرقت الفروض التركة كلها -كما في الواقعة المطروحة- فلا يقال لهذا الفرع إنه محجوب أو ممنوع من الميراث، وإنما يكون أهلًا للإرث غير مستحق فعلًا لشيء من التركة لنفاذها باستغراق الفروض لها، ويتساوى بذلك مع من لم تتوافر له أهلية الإرث؛ لعدم وجود سبب من أسبابه، ومن ثم يدخل في هذه الحالة في نطاق حكم المادة 76 باعتبار أن هدفها هو تعويض الفرع عما فات من ميراث أصله.
وهذا واقع في هذه المسألة، فإذا طبقنا قاعدة الميراث لم ينل هذا الفرع -ابن الابن- شيئًا من تركة جدته لأبيه المتوفاة ولو أن أباه -ابن المتوفاة- كان على قيد الحياة وقت وفاة أمه لورث مع أختيه الباقي بعد فرض الزوج والأبوين تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين فوجب أن يعطى هذا الفرع بطريق الوصية؛ لأنه غير وارث، بمعنى أنه غير مستحق فعلًا لقدر من التركة أيًّا كان بطريق الميراث، وبعبارة أخرى فإن مجرد تحقق أهلية الإرث دون استحقاق ميراث فعلي لاستغراق الفروض التركة تجعله مثيلًا لمن تتوافر فيه هذه الأهلية إطلاقًا طردًا لعلة النص، وما استهدف علاجه من مشاكل اجتماعية حسبما نوهت به المذكرة الإيضاحية لقانون الوصية وإن كان ذلك كان نص المادة 76 من قانون الوصية شاملًا لهذه الواقعة إذا توافرت فيها الشروط المنوه بها التي حوتها هذه المادة وما تلاها.
الأولى: لتعرف نصيب أصل هذا الحفيد باعتبار أصله على قيد الحياة، وبملاحظة أن الوصية الواجبة تقدر بالأقل من القدرين الميراث الذي كان يستحقه الفرع الذي مات في حياة أصله والثلث، فإن كان الميراث هو الأقل قدرت به وإن كان الثلث هو الأقل قدرت به.
المرحلة الأخرى: يطرح النصيب الذي ظهر وصية واجبة هذه الأسس من مقسم التركة جميعه، ويصبح الباقي بعده هو التركة التي تقسم على الورثة الأحياء وقت وفاة المورث، وفي هذه المسألة تركت المتوفاة بنتين، أبوين، زوجًا، ابن ابن.
المرحلة الأولى: لكل واحد من الأبوين السدس أربعة من أربعة وعشرين جزءًا، وللزوج الربع ستة من أربعة وعشرين جزءًا فيكون المجموع أربعة عشر من أربعة وعشرين، والباقي عشرة من أربعة وعشرين جزءًا يكون للبنتين وأخيهما ابن المتوفاة باعتباره على قيد الحياة تعصيبًا للذكر ضعف الأنثى، فيخص الابن المتوفى خمسة من أربعة وعشرين جزءًا، ويخص البنتين خمسة من أربعة وعشرين جزءًا مناصفة.
المرحلة الأخرى: يطرح نصيب الابن المتوفى لأنه صار وصية واجبة لابنه وهو خمسة من أربعة وعشرين جزءًا يصبح الباقي تسعة عشر من أربعة وعشرين جزءًا هو التركة وتعاد قسمتها على هؤلاء الورثة، لما كان ذلك كانت هذه الحادثة من مشمولات أحكام الوصية الواجبة؛ لأن اشتراط النص أن يكون الفرع غير وارث -يعني أن يكون غير مستحق فعلًا لشيء من ميراث الجد أو الجدة- ويستوي بهذا المعنى أن يكون محجوبًا بغيره أو أنه لم يبقَ له شيء من التركة لاستغراقها بالفروض