استقبل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهرالشريف، اليوم الثلاثاء بمقر إقامته بالعاصمة الكازاخية "نور سلطان"، السيد ميغيل أنخيل موراتينوس، الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات، بحضور المستشار محمد عبدالسلام، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، وذلك على هامش مشاركة فضيلته في المؤتمر السابع لزعماء الأديان.
وقال فضيلة الإمام الأكبر، إن فلسفة الإسلام هي التعارف بين الأمم والشعوب، والدعوة إلى التسامح والتعايش، ورفض التعصب والكراهية، وكان هذا هو الدافع لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية مع البابا فرنسيس، التي أصبحت الآن دستورًا إنسانيًّا عالميًّا، مقدرًا دعم الأمم المتحدة لنشر وترويج الوثيقة عالميًّا، واعتماد ذكرى توثيقها في الرابع من فبراير يومًا عالميًّا للأخوة الإنسانية.
وشدد فضيلة الإمام الأكبر على أهمية تعزيز الهوية الخاصة بكل مجتمع، وأن ما تقوم به بعض الدول من محاولات لفرض ثقافة بعينها أو نمط حياة معين على العالم كله، واستهداف القيم الدينية والأخلاقية؛ لن يجني منه العالم إلا خرابًا ودمارًا للأسرة والمجتمع، وهؤلاء الذين يضعون تلك المخططات -رغم قلتهم- إلا أنهم يتمتعون بالنفوذ والقدرة على ترويج مخططاتهم، وهو ما يضع على عاتقنا -نحن علماء الأديان- ضرورة الاتحاد لمواجهة هذه المخاطر الاجتماعية.
وأضاف فضيلته أن هناك فجوة بين أصحاب القرار العالمي من السياسيين وقادة الدول الكبرى، وبين دعوات علماء الدين والفلاسفة والمفكرين والكثير من السياسيين المعتدلين، مشددًا على أنه لا بديل عن العمل معًا والتنسيق فيما بين الجميع ليكون هناك أثر وتغيير ملحوظ على أرض الواقع.
من جانبه، أعرب الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات، عن سعادته بلقاء فضيلة الإمام الأكبر، وتقديره للجهود التي يبذلها الأزهر ومجلس حكماء المسلمين في مجال الحوار بين الأديان، مشيدًا بوثيقة الأخوة الإنسانية، التي وقعها الإمام الطيب والبابا فرنسيس، لتكون إعلانًا عالميًّا مشتركا يعزز ثقافة الحوار والتعايش.
وأكد ميغيل موراتينوس أن وثيقة الأخوة الإنسانية بما تمثله من رمزية دينية -ممثلة في الإمام الطيب والبابا فرنسيس- جاءت في وقت مهم وحرج؛ خاصة في ظل ما يعانيه العالم من حروب واقتتال وصراعات، وانتشار لأمراض التعصب والكراهية وتغليب للمصلحة الفردية والنزعة المادية، مؤكدًا أن الاهتمام العالمي بالوثيقة يبرهن على حاجة العالم الماسة إليها في الوقت الحالي، وأنه من المهم تفعيلها بما يضمن خلق وعي إنساني عالمي لدى فئات النشء والشباب، وهو ما سوف يعزز بدوره قيم الأخوة والتعايش المشترك في المجتمعات.
وأكد موراتينوس تطلع مكتب الأمم المتحدة لحوار الحضارات لتعزيز التعاون مع الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين؛ خاصة في المبادرات التي تتعلق بتمكين الشباب من القيادة، وتعزيز حقوق المرأة في المجتمعات، مشيرًا إلى أن التعاون بين الأمم المتحدة -بما لديها من خبرات واسعة في هذه المجالات- والأزهر الشريف بما يملكه من تأثير على أرض الواقع، ومجلس حكماء المسلمين بما لديه من مبادرات فعالة؛ يمكننا جميعًا أن نحدث تأثيرًا كبيرًا وصدى دوليًّا واسعًا، مشيدًا بأهمية جائزة زايد العالمية للأخوة الانسانية واعتزازه بكونه أحد أعضاء لجنة تحكيم الجائزة لهذا العام.
من ناحية أخري دعا الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، علماء الأديان ورموزها المختلفة لانعقاد لقاء خاص برموز الأديان يتدارَسون فيه، بصراحة ووضوح تامَّين: ماذا عليهم وماذا على غيرهم من القادَة والسِّياسيِّين وكِبار الاقتصاديِّين، من الواجبات والمسؤوليات حيال هذه الكوارث الاخلاقيَّة والطبيعيَّة، التي باتت تُهدِّد مستقبل البشريَّة بأكملها.
ولفت الإمام الأكبر – خلال كلمته في افتتاح أعمال المؤتمر السابع لزعماء الأديان العالمية والتقليدية بكازخستان- إلى أن تجربة وثيقة الأخوة الإنسانية تشجعنا على ذلك، مشيرا إلى أنه بالرغم من اختلافه وأخيه البابا فرنسيس: دينًا وعِرقًا ولونًا وتاريخًا ووطنًا، وبالرغم من أن آراء مُتشدِّدةً هنا وهناك حاولت أن تُعرقل ومازالت، -بل حَرَّمَتْ أحيانًا- مجرَّد التقاء شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية، إلَّا أنهما حين اجتمعا ومنذ اللقاء الأول، بنية صادقة شعرَ كل منهما بأنه يعرف صاحبه منذ سنين عدَّة.. ثم ما لبثت القلوب أن التقت على المودة المتبادلة وعلى الصداقة والإخلاص، وكان توفيق الله تعالى كبيرًا في إتمام وثيقة الأخوة الإنسانيَّة.
اقرأ أيضا:
ما هو الفرق بين البيت العتيق والبيت المعمور؟ ومكان كل منهما؟وأوضح شيخ الأزهر أن وثيقة الأخوة الإنسانيَّة جاءت كأول ميثاق إنساني بين المسيحيِّين والمسلمين في عصرِنا الحديث؛ لتتأكَّد النظريَّة التي يُؤمن بها الأزهر دائمًا، ويدعو إليها في كلِّ مكان وهي: أن كل لقاء جاد مسؤول بين رموز الأديان يتحوَّل -لا محالة-إلى طوق نجاة للحضارة الإنسانيَّة حين تحاول أعاصير الشَّر زعزعة أركانها أو اقتلاعها من جذورها.
يٌذكر أن المؤتمر السابع لزعماء الأديان؛ تنطلق فعالياته اليوم، بكازاخستان، بحضور فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، والبابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكيَّة، وعدد من قادة الأديان حول العالم.