أحيانا يصاب الإنسان بالعين فتتحول نعمته إلى وبال عليه ويظل يلتمس علاجا لنفسه ويعالج ما أصابه شهورا طويلة وهو لا يدرى كيف حدث له هذا.
كيف يحسد الإنسان نفسه؟على المؤمن أن يكون واعيا مدركا ولا يسير في الدنيا غير عابئ فالمؤمن كيس فطن.. فإذا فقد الحكمة ربما كان هو نفسه السبب في جلب الهموم والأحزان لنفسه دون أن يشعر.. فيصير كم يحسد نفسه ويستكثر نعم الله عليه.
كما أن من الأخطاء الشائعة أن يبادر بعرض كل ما لديه من نعم على الناس دون مواربة أو احتياطي وهنا قد تصيبه عين الآخر ممن لا يحتمل هذا الفضل فينظر إليه نظر حسد فتذهب ما لديه من نعم، وفي هذا ينصح العلماء بتوخي الحذر وأخذ الحيطة ولا يتكلم بما يحتمله قلب الآخر لأنه إن فعل فكأنما يستحثه على الحسد فيصير أيضا كمن يسعى إلى حسد نفسه.
على أن هناك صنفا عجيبا هو فعلا يحسد نفسه فإذا أنعم الله عليه بنعمة ينظر إليها ويعجب بها ويظل يذكرها تبطر واستكثارا ويرى أنها كبيرة عليه وانه لو حلم بهذا ما تحقق وينسى والحالة هذه أن يشكر الله عليها ويراعي حق الله فيها فمثل هذا هو في الحقيقة والواقع يحسد نفسه.
ومن صور حسد الإنسان نفسه أيضا أنه لا يذكر الله ولا يشكره على نعمه ويرى أنه حصلها بجهده وانه يستحقها وعشرة أمثالها وغير ذلك من العبرات التي يوكل فيها العبد على نفسه فيضيع نعم الله عليه بسوء تصرفه وقبح صنيعه فتزول النعمة منه او تكون سببا لفتنته وعذابه.
العين حق:
فإن العين حق كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يجب على المسلم أن يعلم أن أي ضرر لا يقع عليه سواء ضرر العين أو غيرها إلا بقدر الله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين" رواه مسلم.
كيف أدفع الحسد؟
وعلى المسلم أن يطرد عن نفسه الأوهام، فكثير من الناس قد يصاب الواحد منهم بشيء من أقدار الله عز وجل، فيسيطر عليه الوهم وينمو حتى يصبح ظناً غالباً أو يقيناً بأن هذا من العين، والحقيقة أنه وهم من أوهامه، وليس هذا إنكاراً للعين، ولكن دعوة لمعرفة الأمور كما هي عليه.
والعين تدفع بالتعويذات الشرعية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم في صحيحه أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد اشتكيت؟ فقال: "نعم" قال: باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك.
ومنها المعوذتان، ومنها اغتسال العائن ثم صبه على المصاب بالعين، وأما ذبح الشاة فليس دواءاً شرعياً يستشفى به من العين، ولكن إن قصد صاحبه التصدق ليرفع الله عنه الداء فلا بأس، فإن الصدقة سبب من أسباب الشفاء، كما رود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "داوو مرضاكم بالصدقة" حسنه الألباني.
لكن شريطة أن لا يتعين الذبح للصدقة، بل المقصود الصدقة سواء بالذبح أو بغيره.
الرقية الشرعية:إن الحسد والعين داءان يعرفان بمعرفة أعراضهما، وطريق التداوي منهما
بالرقية الشرعية كقراءة الفاتحة، وآية الكرسي، وخاتمة سورة البقرة من قوله: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ... إلى نهاية السورة، وقوله تعالى: وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ [القلم: 51]، والإخلاص، والمعوذتين، وبعض الأدعية النبوية، كقوله صلى الله عليه وسلم: أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة. وقوله: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس وعين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك. تقرأ مباشرة على المريض، وتقرأ على ماء ليغتسل به ويشرب، هذا في حالة عدم معرفة العائن، أما إن عرف العائن، فيؤمر بالاغتسال، أو الوضوء، ثم يغتسل منه المصاب، كما في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا. وعند أبى داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يؤمر العائن فيتوضأ، ثم يغتسل منه المعينْ.