(أهلي مش موافقين).. كثيرًا ما نسمع هذه الجملة سواء من الشاب و الفتاة، وقد ينتهي الأمر بالفعل لأن الأهل لا يرون الشريك الآخر مناسبًا لهم، فهل يحق للأهل ذلك؟.. بالأساس الدين حدد الاختيار فيما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جاءك من ترضون دينه وخلقه فزوجوه».
الأمر ينطبق على الطرفين، فإن كان الشاب ذا خُلق فليقبل به أهل العروس، وإن كانت العروس من بيت ذي خلق، وهي تتمتع بالأخلاق الفضيلة، فلا ينبغي للأهل أن يمنعوا ابنهم من الزواج بها تحت أي دعاوى أخرى، وليعلم الطرفين (الشباب والفتيات)، أنه إذا التزم كل منهما الاختيار وفق ما جاء به الحديث الصحيح عاشا في رغد من العيش، وليس المعنى هنا يتوقف عند (المزيد من الرزق) فقط، وإنما السعادة الزوجية من قبول ورضا واحترام كل طرف للآخر، وهو ما باتت تفتقده الكثير من البيوت الآن للأسف.
خطأ كبير
وبالتالي فإن وقوف الأهل أمام رغبة الأبناء في اختيار شريك الحياة يُعد خطأ عظيم، وأنانية مُفرطة، وله عواقب بغيضة، لعينة، قاسية على الأبناء.. ولكن هذا في حالة كان الاختيار مبنيًا على أبعاد عنصرية أو اجتماعية، وهو ما يظهر جليًا هذه الأيام، لكن إن كان مبنيًا على (سوء الخلق) فهذا من حقهم لا محالة، لكن على الأهل ألا يكونوا عونًا للشيطان على أبنائهم.. فمن حق الأبناء أن يختاروا من يتزوجون، وليس للأهل أن يرفضوا إلا من وجدوا فيه ما يعيبه دينيًا وأخلاقيًا.. فقد لا يكون هناك أي علاج للمحب إلا أن يتزوج بمن يحب، طالما توافرت فيها أسباب الزواج التي بينها الشرع الحنيف.. وعلى الأهل أن يتركوا أبنائهم يتحملوا نتيجة اختياراتهم سواء كانت سلبية أو إيجابية، ولا يذيقونهم مرارة الفقد والحرمان.
وفي ذلك يقول الله تعالى: «وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (النور:32)، وفي الصحيحين أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء»، وفي المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة».
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبرطريقة الاختيار
أما عن طريق اختيار الزوجة، فأول خطوة منها هي: الاستخارة، ثم الاستعانة بالله تعالى وسؤاله سبحانه أن يوفقك ويهديك إلى ما فيه الخير والرشاد، ثم استشارة من تثق بدينه وورعه ونصحه وعقله وتجربته، فقد قيل: ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار، ولكن على أن يزن كل ذلك قائم على أساس (الخلق الطيب)، وليس فقط الجمال أو الحسب والنسب، وقد ورد النهي عن زواج المرأة لغير دينها.
في الحديث: «من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلاً، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقرا، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءة، ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه»، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: «لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغين، ولكن تزوجوهن على الدين ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل».