هل من الممكن أن يفضح الله العبد بعد أن تاب وأناب؟.. والحقيقة هذا السؤال قد يظل ماثلا أمام أعين بعض الناس لفترات، وهو لا يدري أنه الشيطان يتلاعب به، لأن الله عز وجل هو (الستير) أي كثير الستر لعباده المذنبين، فكيف به سبحانه وتعالى أن يفضح عبدًا تاب إليه؟.
والله يغفر الذنوب جميعًا، وعندما يستمر الإنسان عليها قد يفضحه وفقًا لحكمته الإلهية، كما ورد عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه جئ عنده بسارق وأقر بفعلته ولكن قال يا أمير المؤمنين هذه أول مرة فقال عمر بن الخطاب كذبت إن الله لا يفضح من أول مرة فظهرت أنها الثامنة.
فالله عز وجل لا يمكن له وحاشاه من ذلك، أن يفضح عبدًا تاب خير التوبة، لأنه وعد بذلك، وبأنه الغفور الرحيم، فقال سبحانه وتعالى: «نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (الحجر: 49).
عصياناه فسترنا
والأمثلة عن لطف الله بعباده عديدة وكثيرة، إذ يروى أن الله تعالى قال لنبيه موسى عليه السلام يومًا: يا موسى إن فيكم رجلاً عصاني 40 سنة، وإني لا أسقيكم مادام فيكم هذا الرجل.. فجمع موسى عليه السلام قومه وقال: (أيها الناس إن الله منع عنا المطر والماء بمعصية واحد منا!.. فيا من عصيت الله اخرج من بيننا).. فانتظر هذا الرجل ظنًا منه أن الخطاب لغيره.. فأعادها موسى فلم يخرج أحد، فعلم هذا الرجل أنه المراد، فاستحى أن يخرج.. ثم دعا فقال: "اللهم إني عصيتك 40 سنة فسترتني، أأليوم تفضحني.. اللهم إني تبت إليك، اللهم فاسقنا ولا تفضحني".. فتجمع السحاب من كل مكان ونزل المطر!.. فعجب نبي الله موسى عليه السلام، فقال: سقيتنا ولم يخرج الرجل، قال الله يا موسى سقيتكم بالذي منعتكم به.. فقال موسى: رب أرني إياه.. فقال الله: يا موسى عصانا فسترناه، أفإن تاب إلينا فضحناه!.. فكيف برب بهذا اللطف والشفقة على عباده أن يفضح عبدًا تاب إليه؟.. فهذا من المستحيلات.
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائلأسباب الستر
لكن على كل مسلم أن يعي تمامًا أن هناك أسبابًا للستر، فلا يمكن لعبد يصر على المعصية، وينتظر ستر الله عليه العمر كله!، فمن أسباب ستر الله عليك الإخلاص واجتناب الرياء؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمِعَ سمِعَ الله به، ومن يُرائي يُرائي الله به»، وإذا أذنب العبد فعليه أن يستر نفسه أولا ولا يتحدث بما أذنب، ثم يتوب إلى الله توبة نصوحًا، حينها لن يكون أحد أبدًا يعرف ما حدث سوى الله، وهو لن يفضح عبده أبدًا، بينما إذا حكيت لأحدهم فقد يفضحك يومًا.
عن أبي هريرة يقول: سمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كُلُّ أُمَّتي معافًى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربُّه، ويصبح يكشف ستر الله عنه».
ومن حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: «يا أيها الناس، قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، فمن أصاب من هذه القاذورات شيئًا فليستتر بستر الله».