شرعت في الانحناء للركوع فتذكرت أنني لم أقرأ السورة، فأتممت الصلاة، وسجدت القبلي، فهل الأصح أن أرجع قائماً، وأتم تلاوة السورة، أو ما فعلته؟
قال مركز الفتوى بإسلام ويب: قد قال الأخضري المالكي في مختصره الفقهي: وَمَنْ تَذَكَّرَ السُّورَةَ بَعْدَ انْحِنَائِهِ إِلَى الرُّكُوعِ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهَا. أي يتمادى على صلاته بعد انحنائه للركوع انحناءً تاماً، ويجزئه أن يسجد للسهو قبل السلام.
وعليه؛ فما فعلته صحيحٌ، وفق مشهور مذهب مالك ـ رحمه الله تعالى ـ وهو المذهب السائد بتونس، وغيرها من بلاد المغرب العربي، وقد بينا مذهب جمهور أهل العلم في ترك السورة عمداً، أو نسياناً.
المركز قال في فتوى سابقة مشابهة: مذهب جماهير العلماء أن القراءة بعد الفاتحة سنة، لا تبطل الصلاة بتركها، لا عمداً ولا سهواً.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: ولا خلاف في استحباب قراءة السورة مع الفاتحة في صلاة الصبح والجمعة والأوليين من كل الصلوات. قال النووي: إن ذلك سنة عند جميع العلماء، وحكى القاضي عياض عن بعض أصحاب مالك وجوب السورة. قال النووي: وهو شاذ مردود. انتهى.
و قال ابن قدامة: لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أنه يسن قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين من كل صلاة. انتهى.
وعليه؛ فصلواتك الماضية التي تركت قراءة السورة بعد الفاتحة فيها صحيحةٌ لا تلزمكِ إعادتها، ولا يجبُ عليك قراءة السورة بعد الفاتحة فيما يُستقبل من الصلوات،. ولا يلزمكِ سجود السهو، ولا يُسن لكِ كذلك عند كثير من العلماء.
قال النووي رحمه الله: وأما غير الأبعاض من السنن كالتعوذ، ودعاء الافتتاح، ورفع اليدين، والتكبيرات والتسبيحات، والدعوات، والجهر والإسرار، والتورك، والافتراش، والسورة بعد الفاتحة، ووضع اليدين على الركبتين، وتكبيرات العيد الزائدة، وسائر الهيئات المسنونات غير الأبعاض فلا يسجد لها سواء تركها عمدا أو سهوا لأنه لم ينقل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم السجود لشيء منها، والسجود زيادة في الصلاة فلا يجوز إلا بتوقيف. انتهى.
وأما ما ذكره هذا الشيخ المالكي عن مذهب المالكية من لزوم سجود السهو لمن ترك السورة بعد الفاتحة سهواً في صلاة الفريضة، وبطلان الصلاة بتركه فهو الذي نص عليه فقهاء المالكية.
جاء في مختصر خليل ممزوجا بشرحه للدردير في ما يبطل الصلاة: وبطلت بترك سجود سهو قبلي ترتب عليه عن ثلاث سنن كثلاث تكبيرات، وكترك السورة وطال إن ترك سهوا، وأما عمدا فتبطل وإن لم يطل.
وليس ما ذكره من بطلان صلاة من ترك السورة بعد الفاتحة عمدا متفقا عليه بين المالكية، بل قد اختلف المالكية في من ترك السورة بعد الفاتحة عمداً في الفريضة، هل تبطل صلاته أو لا؟
قال في مواهب الجليل: قال الرجراجي في ترك السنن وأما على طريقة العمد فلا يخلو إما أن يترك سنة أو سننا فإن ترك سنة واحدة عامدا كالسورة التي مع أم القرآن، أو ترك الإقامة فقيل: يستغفر الله ولا شيء عليه، وقيل يعيد أبدا, وسبب الخلاف المتهاون بالسنن هل هو كتارك الفرض أم لا ؟ ... إلى أن قال: وذكر سند في كتاب الصلاة الأول عن المدونة: أن من ترك السورة في الركعتين الأولتين عمدا يستغفر الله ولا شيء عليه. انتهى.
وقد عرفناكِ ما هو الراجحُ عندنا، وهو مذهب الجمهور، وأن الصلاة لا تبطل بترك القراءة بعد الفاتحة لا عمدا ولا سهوا، ولكن الذي ننصحكِ به أن تجتهدي في إحضار قلبك في صلاتك، بحيثُ تُعطينها التركيز المطلوب، فإذا فعلتِ فإنك ستقرئين الفاتحة، وتقرئين السورة بعدها بلا إشكال دون أن تفوتي على نفسك هذا الفضل، أو تحرمي نفسك من هذا الثواب، أو تدخلي نفسك في هذا الخلاف، وإذا أبيتِ إلا قراءة الفاتحة وحدها فصلاتك صحيحة.
اقرأ أيضا:
انشغالي بالعمل يجعلني غير حريص بالسنن والمستحبات..هل علي إثم؟اقرأ أيضا:
هل توجد سورة في القرآن لتقوية الذاكرة وعلاج النسيان؟ (الإفتاء تجيب)