لم يكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم مجرد إنسان لكنه بشر يوحى إليه اختصه الله بأكمل وأفضل رسالة ختم الله بها الرسالات.
وعلى هذا فكلامه وحي يوحى إليه قال تعالى: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"، وبهذا فإنه ينبغي الوقوف عند كل كلمة نطق بها النبي فهي إما خير يأمر به أو شر ينهى عنه.
ومن الكلمات أو الأحاديث الصحيحة التي وردت عن النبي إخباره عما سيحدث وهذا من معجزاته فقد أخبر عن أن المسلمين سيتدهور حالهم كثيرا وسيتخذون اليهود والنصارى قدوة لهم فيقلدونهم في أمورهم جميعًا وأنهم سيسيرون على سيرهم، وسوف يقلدوهم في عاداتهم وتقاليدهم ومناهجهم، بل وفي كل ما يعملون، سواء كان ذلك في أمر دنياهم وطرائق معايشهم، وسياسات دولهم، أو حتى في ملابسهم وأساليب حياتهم، وسواء كان في أمر دينهم وبدعهم، وحتى في كفرهم.. والسير على ما استحدثوه من قوانين واخترعوه من أفكار.
وما اخبر عنه النبي صار واقعا ملموسًا مشاهدا الآن من اتجاه كثير من المسلمين للتقليد الأعمى للغرب على اعتبار أنهم الصفوة وانهم أصحاب القرار وأنهم الأعلم منا والأجدر بالاتباع وهذا للأسف مذلة وخزي عظيم.
ولقد جاء تنبؤ الرسول بهذا واضحا لا غموض فيه فعن أبي سعيد رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُم شِبْرًا بشبْر، وذراعًا بذراع، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْر ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ؛ قلنا: يا رسول الله؛ اليهودُ والنَّصارى؟ قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: فَمَن؟!)[رواه الشيخان]، وفي رواية عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- مرفوعاً: (لتتبعن سنن من كان قبلكم، حذو القُذَّةِ بالقُذَّة، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضَبٍّ لدخلتموه. قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟).
وروى البخاري في كتاب الاعتصام من صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع، فقيل: يا رسول الله كفارس والروم؟ فقال: ومن الناس إلا أولئك).
وبهذا، فإن سبب الخزي والعار يكون في الوقوع في هذا الاتباع الذليل والبعد عن الرسول ومنهجه بل اتهام البعض الرسول بالرجعية والتخلف وان أقواله ستجرنا للوراء فيما نحن فيه من تقدم وحداثة.
أيضًا يُعلم من هذا صدق دعوة النبي وأقواله المعجزة وصدق تنبوءه، كذا يؤخذ منها وجوب الاعتبار والاتعاظ بقوله والرجوع عن هذا الاتباع البغيض واتخاذ النبي قدوة لنا كما قال ربنا: "لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ..".
كما يخبر النبي عن مآل من بدلوا سنته من بعده فيقول: "أنا فَرَطُكُمْ علَى الحَوْضِ، فمَن ورَدَهُ شَرِبَ منه، ومَن شَرِبَ منه لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أبَدًا، لَيَرِدُ عَلَيَّ أقْوامٌ أعْرِفُهُمْ ويَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحالُ بَيْنِي وبيْنَهُمْ. قالَ أبو حازِمٍ: فَسَمِعَنِي النُّعْمانُ بنُ أبِي عَيَّاشٍ وأنا أُحَدِّثُهُمْ هذا، فقالَ: هَكَذا سَمِعْتَ سَهْلًا؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، قالَ: وأنا أشْهَدُ علَى أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ فيه قالَ: إنَّهُمْ مِنِّي، فيُقالُ: إنَّكَ لا تَدْرِي ما بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فأقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَن بَدَّلَ بَعْدِي".