ليس الوقت الذي يقضيه كبار السن في الجلوس، هو الذي يزيد من خطر الإصابة بالخرف، بل نوع النشاط المستقر الذي يمارسونه، ففي حين تؤدي مشاهدة التلفزيون إلى ارتفاع المخاطر، يقلل الجلوس على الأريكة باستخدام جهاز كمبيوتر محمول من ذلك، وفقًا لدراسة جديدة.

وقال الباحثون بجامعتي جنوب كاليفورنيا وأريزونا، إن دراستهم الممولة من المعاهد الوطنية للصحة بالولايات المتحدة تدحض أيضًا فكرة أنه إذا كان الناس أكثر نشاطًا بدنيًا أثناء ساعات النهار، فإنهم قادرون على مواجهة الآثار السلبية للوقت الذي يقضونه في الجلوس.

وتوصل الباحثون إلى أنه من خلال تقليل الوقت الذي يقضونه في السلوكيات الخاملة "السلبية الإدراكية"، مثل وقت مشاهدة التلفاز، وزيادة الوقت الذي يقضونه في السلوكيات الخاملة "النشطة معرفيًا"، مثل الجلوس أمام الكمبيوتر، خلصت الدراسة إلى أن ذلك مفيد لصحة الدماغ للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا أو أكثر، حتى لو كانوا نشيطين بدنيًا جدًا.

اقرأ أيضا:

الشيء الوحيد الذي يجب عليك تجنبه إذا كنت تعاني من الاكتئاب!

السلوكيات المستقرة النشطة

وقال ديفيد رايشلين، المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ العلوم البيولوجية والأنثروبولوجيا في جامعة جنوب كاليفورنيا، إن الدراسة تُظهر ما يفعله الناس أثناء جلوسهم - والتحول من السلوكيات السلبية إلى السلوكيات المستقرة النشطة قد يقلل من خطر الإصابة بالخرف.

وأضاف لوكالة "يو بي آي" في رسالة عبر البريد لبإلكتروني: "كما هو الحال مع أي دراسة قائمة على الملاحظة، لا يمكننا تحديد السببية. لكننا نعتقد أن هذه الدراسة تشكل أساسًا قويًا للتدخلات المستقبلية لتحديد أفضل الطرق لتغيير السلوك المستقر لتحسين صحة الدماغ وتقليل مخاطر الخرف."

وفقًا لـ رايشلين، ركزت مجموعة كبيرة من الأبحاث على ارتباط النشاط البدني بصحة الدماغ، لكن القليل فقط فحص ما إذا كانت السلوكيات المستقرة أو الخمول مرتبطة بخطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن.

لذلك شرع الباحثون في التحقيق فيما إذا كان الجلوس مرتبطًا بالخرف بغض النظر عما إذا كان الأشخاص يمارسون نشاطًا بدنيًا أم لا.

الجلوس وخطر الإصابة بالخرف

وأضاف رايشلين: "وجدنا أن السلوكيات التي تتسم بقلة الحركة مرتبطة بخطر الإصابة بالخرف، ولكن من المدهش أن ما نفعله عندما نكون غير نشيطين يؤثر على اتجاه هذا الخطر"، إذ أن "النشاط البدني، رغم ارتباطه بتقليل مخاطر الإصابة بالخرف بشكل عام، لم يغير بشكل كبير الارتباط بين السلوك المستقر وصحة الدماغ".

وفقًا للباحثين، لا تنطوي مشاهدة التلفاز على الكثير من النشاط العضلي أو استخدام الطاقة، وقد أظهرت الأبحاث السابقة أن الجلوس غير المنقطع لفترات طويلة من الوقت مرتبط بانخفاض تدفق الدم في الدماغ، لكن التحفيز الفكري الأكبر الذي يحدث أثناء استخدام الكمبيوتر قد يواجه الآثار السلبية للجلوس.

واستندت الدراسة التي نشرت نتائجها في "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" إلى بيانات من البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وهي قاعدة بيانات طبية حيوية تضم أكثر من 500 ألف مشارك في جميع أنحاء بريطانيا، لاستكشاف نوعي السلوك المستقر، استخدام الكمبيوتر في أوقات الفراغ، ومشاهدة التلفزيون، بناءً على استبيانات قاعدة البيانات.

ولم يتم تشخيص الخرف في بداية الدراسة بين المشاركين الذين يزيد عددهم عن 145 ألفًا وتبلغ أعمارهم 60 عامًا أو أكثر. واستخدموا الاستبيانات للإبلاغ الذاتي عن المعلومات حول مستويات السلوك المستقر خلال الفترة ما بين 2006 و2010.

وبعد ما يقرب من 12 عامًا من المتابعة، استخدم الباحثون سجلات المرضى الذين دخلوا المستشفى لفحص الإصابة بالخرف، واكتشفوا 3آلاف و507 حالة إيجابية.

وتم تعديل بياناتهم وفقًا للتركيبة السكانية التي يمكن أن تؤثر على صحة الدماغ، مثل العمر والجنس والعرق ونوع الوظيفة، بالإضافة إلى خصائص نمط الحياة، بما فيها ممارسة الرياضة والتدخين وتعاطي الكحول، والوقت الذي يقضونه في النوم، والانخراط في التواصل الاجتماعي.

وفقًا لـ رايشلين، ركز الباحثون على كبار السن لأنهم كانوا مهتمين بتطوير الخرف المتأخر، بدلاً من الأمراض العصبية التنكسية التي تصيب البالغين الأصغر سنًا، أو البالغين في منتصف العمرت "ومع ذلك، قمنا بتضمين تحليل الحساسية للعينة الكاملة (40 سنة وما فوق) وكانت النتائج هي نفسها".