الصلاة على النبي لها فضل عظيم في جميع الأوقات ومن فضائلها ما له علاقة بالدعاء.
ومن المشروع أن نصلي على النبي صلى الله عليه قبل الدعاء تيمنًا وتبركًا وهو أرجى لقبول الدعاء.
أيضا عند ختام الدعاء أيضا؛ إذ لا حرج في الاقتصار على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الانتهاء من الأدعية كلها، لما في الحديث: كل دعاءٍ محجوبٌ؛ حتى يصلّى على محمدٍ صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني، والبيهقي.
الصلاة على النبي وقبول الدعاء:
وقد ذكر أهل العلم أقوالًا كثيرة في علاقة الصلاة على النبي بقبول الدعاء وصرح بعضهم بحصول الإجابة، ولو تأخّرت الصلاة عن الدعاء بزمنٍ، فقد جاء في السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير: كل دعاءٍ محجوبٌ ـ عن القبول: حتى يصلّى ـ بالبناء للمفعول، أي: حتى يصلِّي الداعي، على النبي صلى الله عليه وسلم ـ ظاهره: ولو بعد طول الزمنٍ، وإن لم يقصد الداعي بصلاته على النبي صلى الله عليه وسلم طلب الإجابة.
كيف نصلي على النبي قبل الدعاء:
وعن كيفية الصلاة على النبي قبل الدعاء ذكروا أن الأحسن أن يبدأ الداعي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما في الحديث: إذا صلّى أحدكم، فليبدأ بتحميد اللَّه، والثناء عليه، ثم يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعدُ بما شاء. رواه أبو داود.
أيضا مما يشرع الصلاة على النبي في ثنايا الدعاء أي بين الدعوات ثم يختم بها.
مراتب الصلاة على النبي في الدعاء:
وقد فصّل ابن القيم القول في مراتب الصلاة على النبي في الدعاء فذكر في "جلاء الأفهام": الموطن السابع من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم: عند الدعاء: وله ثلاثة مراتب:
إحداها: أن يصلي عليه قبل الدعاء، وبعد حمد الله تعالى.
والمرتبة الثانية: أن يصلي عليه في أول الدعاء، وأوسطه، وآخره.
والثالثة: أن يصلي عليه في أوله، وآخره، ويجعل حاجته متوسطةً بينهما.
فأما المرتبة الأولى: فالدليل عليها: حديث فضالة، عن عبيدٍ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه: إذا دعا أحدكم، فليبدأ بتحميد الله، والثناء عليه، ثم ليصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما شاءـ.
وقال الترمذي: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكرٍ بن عياش، عن عاصمٍ، عن زرٍ، عن عبد الله، قال: كنت أصلي والنبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكرٍ، وعمر معه، فلما جلست: بدأت بالثناء على الله تعالى، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعوت لنفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سل تعطه، سل تعطه ـ.
وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمرٌ، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعودٍ ـ رضي الله عنه ـ قال: إذا أراد أحدكم أن يسأل الله تعالى: فليبدأ بحمده، والثناء عليه بما هو أهله، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل بعد؛ فإنه أجدر أن ينجح، أو يصيب ـ. ورواه شريكٌ عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله نحوه.
وأما المرتبة الثانية: فقال عبد الرزاق، عن الثوري، عن موسى بن عبيدة، عن محمدٍ بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجعلوني كقدح الراكب، فذكر الحديث، وقال: اجعلوني في وسط الدعاء، وفي أوله، وفي آخره.
وقد تقدم حديث علي: ما من دعاءٍ إلا بينه وبين الله حجابٌ؛ حتى يصلى على محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فإذا صلّي على النبي صلى الله عليه وسلم انخرق الحجاب، واستجيب الدعاء، وإذا لم يصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم، لم يستجب الدعاء ـ.
وتقدم قول عمر ـ رضي الله عنه ـ الدعاء: موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد منه شيءٌ، حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم ـ.