قال الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» (لقمان 34).
يروى أن أحد قادة كفار قريش سمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن الله يوم القيامة سيرجع جسده كما كان من قبل في الدنيا، بعد أن يكون قد تحلل وفني في التراب لسنوات طوال، فقرر أن يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطلب منه أغرب طلب، فما كان اسم هذا الرجل؟ وما الذي حدث حينها؟.
أصل القصة
اختلف أهل العلم في أن يكون هذا الرجل، هو أُبي بن خلف أو العاص بن وائل، فأتى هذا الرجل بقطعة من عِظام إنسان، وذهب إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وكسر أمامه قطعة العظم بيد يديه، حتى أصبحت ترابًا، ونفخ فيه فطار في الهواء، ولم يبق له أي أثر.. ثم نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمنتهى التحدي وقال: «يا محمد، أتزعم أن الله يبعث هذا "؟ أو قال "أيحيي الله هذا بعد ما أرى"؟.. يعنى هل يستطيع ربك أن يحيي هذا التراب مجددًا، رغم أنه لم يعد له أي أثر.
وهنا جاء الرد قويًا جدًا من نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، وقال: «نعم، يميتك الله ثم يحييك، ثم يدخلك جهنم»، فأنزل الله فيه آيات من سورة يس، قال تعالى: «أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ (80)».
اقرأ أيضا:
هل يقف الإسلام وراء جرائم الدفاع عن الشرف؟ وما هي ضوابط إقامة حد الزنا؟استنكار غريب
هنا لاشك علينا أن نعي تمامًا، أن استنكار الكفار وتشكيكهم بأن الله قادر على البعث مرة أخرى، استنكارًا غريبًا، لأنهم لو فكروا قليلا، سيكتشفون أن الله خلقهم من العدم وأن بداية خلقهم كانت مجرد نُطفة، فتنقلوا في الأطوار، ثم كبروا، ثم عقلوا، ثم استتابوا، فبالتالي الله الذي خلقهم من هذه النُطفة الضعيفة قادر على إعادتهم بعد موتهم مرة أخرى كأسهل ما يكون بالنسبة له سبحانه.
لذلك لابد من التنبه إلى نعمة الإيمان بالله سبحانه وتعالى والإيمان باليوم الآخر ، رغم أننا لا نعرف عن اليوم الآخر ولا إلا من خبر الله وخبر الرسول ولذلك نحن نؤمن به كما نؤمن بسطوع الشمس في وسط النهار تصديقًا لله سبحانه وتعالى وتصديقا للنبي صلى الله عليه وسلم وإلا ما شاهدناه، ولذلك جعلها الله من أول صفات المؤمنين المتقين في أوائل سورة البقرة : «الم ﴿١﴾ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ».