لماذا يستدين الإنسان وهو قادر على الكسب .. ولماذا يسأل الغير ويستسهل السؤال ما دم عنده ما يكفيه؟
التحايل على الناس لأخذ أموالهم:
إن الإسلام الحنيف ضبط هذه الأمور فلم يجعل الاستدانة بابا مفتوحا لكل من يريد .. ولم يبح سؤال الناس واختلاق الأعذار حتى يتكأ البعض على البعض.. بل بعضهم يكذب ويدعي أمورا يستحل بها أموال الناس حتى يستعطفهم، وهذا كله محرم فإن الكذب وهو الإخبار بخلاف الواقع حرام مطلقا، إذا ترتب عليه أخذ مال الغير بغير حق كان أبلغ في التحريم، وفي الحديث: لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم. رواه مسلم ، وفيه أيضا: من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر، يقول النووي: وهذا فيمن يسأل لغير الضرورة سؤالا منهيا عنه، وقوله تكثرا أي استكثارا منها من غير ضرورة ولا حاجة.
وعليه، فإنه يحرم أخذ أموال الناس بالكذب والاحتيال ومن فعل ذلك فالواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل ورد ما أخذ إلى أصحابه.
متى تحل المسألة؟
يقول أبو حامد الغزالي في الإحياء: السؤال حرام في الأصل، وإنما يباح بضرورة أو حاجة مهمة قريبة من الضرورة، فإن كان عنها بدٌ فهو حرام، ويقول المناوي في فيض القدير: "إن احتاج ولم يقدر على كسب لائق جاز بشرط أن لا يذل نفسه ولا يلح ولا يؤذي المسؤول؛ فإن فقد شرط منها حرم اتفاقا".
وفي الحديث: "يا قَبيصةُ، إنَّ المَسألةَ لا تَحِلُّ إلَّا لأحَدِ ثلاثةٍ: رجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالةً فحَلَّتْ له المَسألةُ، فسألَ حتى يُصيبَها، أو يُمسِكَ، ورجُلٍ أصابَتْه جائحةٌ فاجتاحَتْ مالَه، فحَلَّتْ له المَسألةُ، فسألَ حتى يُصيبَ قِوامًا مِن عَيشٍ، أو قال: سِدادًا مِن عَيشٍ، ورجُلٍ أصابَتْه فاقةٌ حتى يقولَ ثلاثةٌ مِن ذَوي الحِجا مِن قَومِه: لقد أصابَتْ فُلانًا الفاقةُ، فقد حَلَّتْ له المَسألةُ، فسألَ حتى يُصيبَ قِوامًا أو سِدادًا مِن عَيشٍ، ثمَّ يُمسِكَ، وما سِواهنَّ مِن المَسألةِ يا قَبيصةُ سُحتٌ، يأكُلُها صاحِبُها سُحتًا".
عقاب من يسأل الناس بلا حاجة:
إضافة لما سبق من الوعيد في شأن من يسأل الناس بلا حاجة فإن هذا الذي يفعل يفتح الله عليه بل فقر وذل فقد روى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: ..... ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر. والمقصود بالمسألة هي سؤال الناس وطلبهم المال أو الحاجات. وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أن المرء كلما انتهج منهجا من السؤال للناس، زاده الله احتياجا وفقرا.