التوسط في كل الأمور محمود ومدوح.. والوسطية بمعناها الكبير في الأمور المشروعة مطلب من مطالب لشرع الحنيف فأمة الإسلام هي الأمة الوسط.
والوسيطة نكون في كل شيء حتى في الأخلاق والسلوك فلا إسراف ولا تقتير فلا غلو ولا تفريط قال تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا"، ومن الآداب العامة والتي يلزم التنويه عليها في هذا الوقت التوسط في الكلام مع الآخرين بالنسبة للصوت فلا تعلي صوتك معه أو مع غيره أو تخضه بشكل لا يفهمه المستمع.
خفض الصوت مطلب شرعي:
والاقتصاد والتوسط في الكلام سواء بمعنى كثرة الكلام التي تلهي أو التقليل منه بشكل يخل بالمعنى هو أيضا مذموم وغير مفيد.
غير أن الحديث هنا على مستوى الصوت، فعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: "اعتكف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المسجدِ فسمِعهم يجهَرون بالقراءةِ، فكشف السِّترَ وقال: "ألا إنَّ كلَّكم مُناجٍ ربَّه فلا يُؤذينَّ بعضُكم بعضًا ولا يرفَعْ بعضُكم على بعضٍ بالقراءةِ أو قال في الصَّلاةِ".
وقال صلى الله عليه وسلم: "وإيَّاكُمْ وهَيْشاتِ الأسْواقِ"، والمعنى: احذَروا رَفعَ الصَّوتِ في الصَّلاةِ والمساجدِ، والكلامَ دونَ فائدةٍ، كما يَحدُث في الأسواق.
ويوصي عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- حامل القرآن خاصة بقوله: (ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيا ولا غافلا ولا صخّابا ولا صيّاحا ).وقد ذكر الله عز وجل من وصايا لقمان عليه السلام لابنه: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (لقمان: 19). وقد ورد عن يزيد بن أبي حبيب في تفسيرها: يقول: واخفض من صوتك، فاجعله قصدا إذا تكلمت، وقال ابن زيد: اخفض من صوتك.
وتلمح في الوصية شدة التنفير من رفع الصوت فوق الحاجة حين يشبه ذلك بصوت الحمير؛ فإياك أن تكون متصفا بصفة من صفات الحمير التي تؤذي الناس بشدة رفع صوتها.
وقال ابن كثير- رحمه الله تعالى- عند تفسيرها: (أي لا تبالغ في الكلام ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه ، ولهذا قال: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِير}ِ، وقال مجاهد «أي غاية من رفع صوته أنّه يشبّه بالحمير في علوّه ورفعه، ومع هذا فهو بغيض إلى الله، والتّشبيه في هذا بالحمير يقتضي تحريمه وذمّه غاية الذّمّ).
خفض الصوت مع النبي:
والمراد به حال حياته وبعد مماته بعدم الاعتراض على أحاديثه أو العمل بغير مقتضاها ففيه سوء أدب وكأنك اعترضت عليه بصوتك وهو حي، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ . إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}(الحجرات:2-3).
وقد روى الإمام البخاري رحمه الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا حدَّث النبي صلى الله عليه وسلم - بعد نزول هذه الآية، حدثه كأخي السرار -أي كالمناجي المتحدث بسر، لم يسمعه حتى يستفهمه، أي يخفض صوته ويبالغ حتى يحتاج إلى استفهامه عن بعض كلامه.
خفض الصوت بالدعاء:
ومن الأمور التي يلزم التنويه عليها أن خفض الصوت مع الله أثناء الدعاء والمناجاة؛ يقول الله عز وجل: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}(الأعراف:55). قال ابن جرير رحمه الله: بخشوع قلوبكم، وصحة اليقين منكم بوحدانيته فيما بينكم وبينه، لا جهارًا ومراءاةً، وروى الإمام أحمد رحمه الله عن أبي موسى رضي الله عنه أنَّهم كانوا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفرٍ، فرَفَعوا أصْواتَهم بالدُّعاءِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّكم لا تَدعونَ أصَمَّ ولا غائبًا، إنَّكم تَدعونَ قَريبًا مُجيبًا يَسمَعُ دُعاءَكم ويَستجيبُ"، فعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: "اعتكف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المسجدِ فسمِعهم يجهَرون بالقراءةِ ، فكشف السِّترَ وقال: "ألا إنَّ كلَّكم مُناجٍ ربَّه فلا يُؤذينَّ بعضُكم بعضًا ولا يرفَعْ بعضُكم على بعضٍ بالقراءةِ أو قال في الصَّلاةِ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "وإيَّاكُمْ وهَيْشاتِ الأسْواقِ". والمعنى: احذَروا رَفعَ الصَّوتِ في الصَّلاةِ والمساجدِ، والكلامَ دونَ فائدةٍ، كما يَحدُث في الأسواق.
ويوصي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حامل القرآن خاصة بقوله: (ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيا ولا غافلا ولا صخّابا ولا صيّاحا).