كثير من الناس يفعل الخير وينتظر عليه الجزاء ممن فعل فيهم هذا الخير، وإذا ما وجد جحودا بعد خيره اكتئب وتوعد وأقسم أنه لن يعود للخير مجددا، وبالتالي هذا ما يريده الشيطان، فالخير لن يكون له جزاء إلا عند صاحب الخير ومقدره وهو الله وحده لا شريك له فقط، فهو من قال : " ولئن شكرتم لأزيدنكم" فلا خير يوازي خيره، وبالتالي حينما تطلب الخير وتطلب الجزاء فاطلب من الله، فهو من أمرك بالخير مع الغير، وهو وحده من يجازيك عليه.
لكن أنك تنتظر الخير من الناس فلن تجده ولن تناله، ففي هذا الوقت كأنك ستبحث عن سراب، وسيحبطك الشيطان من الخير، لذلك تجد في الأمقال الشعبية بعض الناس يقولون: " لن يأتيني الشر أبدا فقالوا له لماذا: فقال لهم لأني لم أفعل الخير فكيف يأتيني الشر؟!".
وبعضهم قال: " خيرا تعمل شرا تلقى".
وغيرها من الامثاتل الكثيرة التي تحرض على ترك الخير بزعم أنك لن تحصل على المقابل.
ولكن الحق أنك إذا صنعت معروفًا أو اجتهدت في عمل ما فلا تنتظر الشكر من أحد، واعلم أن البشر قد قصروا في الشكر تجاه الخالق - عز وجل - وهو الذي رزقهم وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة. فما كان من أكثرهم إلا الجهود والنكران، فهل تنتظر أنت أيها الإنسان أن يشكرك أمثال هؤلاء البشر؟! .
فالعمل من أجل الله عز وجل وإخلاص النية له سبحانه وتعالى؛ فهو وحده من يستحق أن نصرف إليه جميع الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، ولا ننتظر الشكر من أحد.
فهناك العديد من البشر حينما يجتهدون في مكان معين وتنتهي مدة عملهم بعد جهودهم الواضحة، ويتركون هذا المكان لا يجدون من يشكرهم، ويندمون على العمر الذي ذهب وضاع منهم في خدمة هذا المكان، وكأنهم يجهلون أن رضا الناس غاية لا تدرك، وعندما لا يجدوا الشكر من البشر انقلبوا على أعقابهم، وامتنعوا عن خدمة الآخرين، وأخذوا يعملون فقط من أجل ذواتهم، وهنا تقع الكارثة، ويصبح كل شخص يسعى إلى العمل من أجل مصلحته الشخصية فقط، وتلك هي الأنانية، والأنانية معول يهدم أركان المجتمع إذا انتشرت بين أفراده.
ومما لا شك فيه أن شكر الناس على جهودهم حتى وإن كانت قليلة واجب علينا، وهو من الذوق المتعارف عليه، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
فالنكران والجفاء وكفر النعمة غالبة على بعض النفوس، فلا تنصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا جميلك، وأحرقوا إحسانك، ونسوا معروفك، بل ربما رموك بمنجنيق الحقد الدفين، بل ربما نصبوا لك العداء، ولا شيء إلا لأنك أحسنت إليهم، وحسدوك على ما آتاك الله من فضله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ} [النساء: ٥٤] .
فاعمل الخير لوجه الله تعالى، واصنع المعروف لكل الناس قدر استطاعتك، ولا تنتظر الشكر من أحد: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: ٩] .
اقرأ أيضا:
الإيثار.. إحساس بالآخرين وعطاء بلا حدود