الله سبحانه وتعالى ارتضى هذا الدين لعباده وختم به الرسالات فكانت مسك الختام وختام المسك.
معالم الإسلام السمحة:
ومن معالم الإسلام السمحة ما امتاز به من اليس في تشريعاته وأحكامه فلم يأت الدين ليعذب الناس ويجبرهم جبرًا على اتباعه لكن مقصده الأساسي في كل تشريعاته اليسر والسمحة وهذ غاية كريمة ومن الإشارات القرآنية على أن اليسر مقصد شرعي، قوله تعالى: {ومَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدِّين مِن حَرَجٍ} (الحج: 78)؛ وقوله عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُم وخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} (النساء: 28)؛ وقوله سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفساً إِلاَّ وُسعَهَا} (البقرة: 286).
الرسول يدعو لليسر :
ولقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم مبينة على اليسر والسماحة فهو لا يأمر بمغالبة الدين ولا بالتشدد فيه ولا المغالاة بل العكس دعا إلى التخفف والأخذ بما نطيق والابتعاد عن المغالاة والتطرف المذموم؛ فمن أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- الدالة على يسر الشريعة قوله: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة)، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما خُيِّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثماً"، وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً).
الصيام دليل على يسر الإسلام:
وتشريعات الإسلام كلها يسر انظر مثلا لفريضة الصيام وهو الفريضة التي نزلت فيها أية اليسر: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسرَ ولَا يُرِيدُ بِكُم العُسرَ} (البقرة: 185). فقد رخَّص الله للمريض والمسافر الفطر في رمضان بشرط القضاء؛ فعلى الرغم مما في الصيام من مشقة إلا أنه فريضة يعاقب تاركها بلا عذر، وعليه فليس المقصود باليسر نفي كل مشقة، بتعطيل الفرائض، وإنما يراد به حقيقة "فـعل ما يحقق الغاية بأدنى قدر من المشقة".
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره لآية اليسر: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسرَ..}: "إنما رخَّصَ لكم في الفطر في حال المرض وفي السفر، مع تحتمه في حق المقيم الصحيح، تيسيرًا عليكم ورحمة بكم".
قواعد الإسلام تدعو إلى اليسر:
ومن قواعد الإسلام التي تواطأ عليها العلماء أن تكاليف هذه العقيدة كلها، فهي ميسرة لا عسر فيها، وهي توحي للقلب الذي يتذوقها، بالسهولة واليسر في أخذ الحياة كلها، وتطبع نفس المسلم بطابع خاص من السماحة التي لا تكلف فيها ولا تعقيد. سماحة تؤدى معها كل التكاليف، وكل الفرائض، وكل نشاط الحياة الجادة، وكأنما هي مسيل الماء الجاري، ونمو الشجرة الصاعدة في طمأنينة وثقة ورضاء، مع الشعور الدائم برحمة اللّه وإرادته اليسر لا العسر بعباده المؤمنين