لطالما حذر الأطباء من تأثير المشروبات الغازية على زيادة الوزن وتسوس الأسنان، لكن دراسة حديثة حذرت من أنها يمكن أن تؤثر على الصحة العقلية أيضًا.
واستكشف فريق من الباحثين الألمان، العلاقة بين تناول المشروبات الغازية والاضطراب الاكتئابي الكبير، وهو "حالة مزاجية منخفضة يمكن أن تستمر لفترة طويلة أو تستمر في العودة"، وفقًا لهيئة الخدمات الصحية ببريطانيا.
تغييرات في ميكروبيوم الأمعاء
وخلال الدراسة التي نشرت بعنوان: "استهلاك المشروبات الغازية والاكتئاب بسبب التغيرات في ميكروبيوم الأمعاء"، في المجلة الطبية "جاما"، استهدف الباحثون البحث عن أدلة تشير إلى حدوث تغييرات في ميكروبيوم الأمعاء، وهو مصطلح شامل لمجموعة ضخمة من الكائنات الحية الدقيقة - البكتيريا والفطريات والفيروسات والميكروبات الأخرى - التي تعيش في الجهاز الهضمي.
تتواجد هذه البكتيريا في الغالب في الأمعاء الغليظة حيث تساعد على الهضم وامتصاص الفيتامينات والمعادن.
ويشارك ميكروبيوم الأمعاء أيضًا في تنظيم الجهاز المناعي للجسم.
وكان الباحثون مهتمين بشكل خاص بمعرفة ما إذا كان من الممكن أن يحدث اضطراب الاكتئاب المزمن أو يزداد سوءًا بسبب اثنين من هذه الكائنات الحية الدقيقة على وجه الخصوص، وهما: إي جيجيرثيلا وهونجاتيلا.
وقد تم ربط بكتيريا جيجيرثيلا بمرض التهاب الأمعاء والتهاب المفاصل، كما تم الربط بين المستويات العالية من هونجاتيلا كسبب محتمل لسرطان الأمعاء وفقًا لصحيفة "ديلي ميل".
وربط الباحثون، البكتيريا بالاضطراب الاكتئابي المزمن، بعد أن وجدت دراسات سابقة مستويات عالية من كل منهما في الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب.
ولإضفاء طابع رسمي على الرابط، قام الباحثون باختبار عينات البراز من 405 مريضًا تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عامًا، وتم تشخيص إصابتهم بالاكتئاب لقياس مستويات البكتيريا.
كانت المجموعة مكونة من 68 في المائة من الإناث، واختبر الباحثون الأشخاص الذين كانوا يتناولون الأدوية وغيرهم "للتأكد من أن استهلاك المشروبات الغازية لم يتأثر في المقام الأول بمضادات الاكتئاب".
وتمت مقارنة هؤلاء بعد ذلك بمجموعة ضابطة مكونة من 527 شخصًا لا يعانون من الاضطراب الاكتئابي المزمن.
وطلب من جميع المشاركين الاحتفاظ بمذكرات عن عدد المشروبات الغازية التي يتناولونها يوميًا، بالإضافة إلى ملاحظة مستويات الاكتئاب لديهم باستخدام مقياس BDI-I، وهو مقياس قياس معترف به في الصناعة.
وتم تقييم تناول المشروبات الغازية باستخدام استبيان غذائي شبه كمي ألماني معتمد مكون من 101 عنصر (FFQ2)، والذي تم تطويره كجزء من التحقيق الأوروبي المستقبلي في السرطان والتغذية.
وطُلب من المشاركين الإبلاغ عن معدل تناولهم المعتاد لجزء واحد، كما هو موضح بصريًا في الاستبيان، على مدار العام السابق.
وتتراوح فئات الاستجابة من "أبدًا" إلى "عدة مرات في اليوم".
وفيما يتعلق بالليمونادة والكولا، تم تقييم تكرار استهلاك 200 مل - بحجم علبة صغيرة تقريبًا - باستخدام مقياس يتراوح من "أبدًا" إلى "11 مرة في اليوم".
وجد الباحثون أن زيادة تناول المشروبات الغازية ارتبطت بارتفاع شدة الأعراض لدى المشاركات، وبمستويات أعلى من بكتيريا إيجرثيلا. ولم يلاحظوا نفس النمط لدى المشاركين الذكور.
المشروبات الغازية والاضطراب الاكتئابي المزمن
وخلص الباحثون إلى أن "تناول المشروبات الغازية قد يساهم في الإصابة بالاضطراب الاكتئابي المزمن من خلال التغيرات التي تطرأ على ميكروبات الأمعاء، ولا سيما تلك التي تنطوي على بكتيريا إيجيرثيلا".
وكتبت المؤلفة الرئيسية، شارميلي إدوين ثاناراجا، أن الجنس له تأثير على ميكروبيوم الأمعاء في الجسم، وربما هذا هو السبب في أن النساء أكثر تأثرًا بشرب المشروبات الغازية - على الرغم من أن بياناتهم كشفت أن الرجال يشربون المزيد منها.
علاوة على ذلك، وصف الباحثون المشروبات الغازية بأنها " عامل خطر منتشر على نطاق واسع ولكن يمكن تجنبه بالكامل"، وأضافوا أن الأطباء يجب أن ينصحوا المرضى بتقليل تناولهم للمشروبات الغازية كجزء من اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.