لاشك أن حياة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مليئة بالمواقف العظيمة، التي لا يمكن أن يغفلها التاريخ، والتي يجب على كل مسلم أن يعرفها جيدًا، وأن يتعلم منها كيفية التصرف في المواقف المختلفة، ومواقف الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في حياته كثيرة، وتعد مرجعًا لكل إنسان مسلم يريد أن يستفيد منها بصورة واضحة، ولذلك غدت هذه المواقف تدرس في المناهج الإسلامية، لتكون دليلًا لكل مسلم في حياته الخاصة والعامة.
ولعل أبرز هذه المواقف، موقفه الشديد من الكفار، إذ يروى أنه بعدما نقضت قريش وحلفائها صلح الحديبية، خرج أبو سفيان إلى المدينة ليحاول تثبيت الهدنة، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه، فلم يرد عليه شيئًا، ثم ذهب إلى أبي بكر، فكلمه أن يكلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أنا بفاعل، ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه، فقال: (أأنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فوالله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به)، فكان شديدًا على الكفار.
مواقف عظيمة
أيضًا من المواقف التي ذكرت عن حياة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه وقف عمر يخطب الناس وعليه ثوب طويل فقال: أيها الناس اسمعوا وعوا، فقال سلمان الفارسي: والله لا نسمع ولا نعي، فقال عمر: ولِمَ يا سلمان؟، قال : تلبس ثوبين وتُلبسنا ثوبا، فقال عمر لابنه عبد الله: يا عبد الله قم أجب سلمان، فقال عبد الله: إن أبي رجل طويل فأخذ ثوبي الذي هو قسمي مع المسلمين ووصله بثوبه، فقال سلمان: الآن قل يا أمير المؤمنين نسمع وأمر نُطع..
وقال عمر مرة على المنبر للناس: ما أنتم فاعلون لو حدت على الطريق هكذا؟ وحرف يده، فقام رجل من آخر الناس وسل سيفه وقال: والله لو حدت عن الطريق هكذا لقلنا بالسيوف هكذا، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في رعيتي من لو حدت على الطريق قومني، وقال له رجل: اتق الله يا عمر، فدمعت عيناه، وقال: لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير في إذا لم أقبلها.
ويروى أن عمر طالب على المنبر بتقليل مهور النساء، فقامت امرأة من آخر المسجد فقالت : يا أمير المؤمنين إنّ الله يقول (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئا)، فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر.
اقرأ أيضا:
من القلب إلى القلب.. هكذا حال العباد مع مراقبة اللهزهد عمر بن الخطاب
وكان عمر بن الخطاب وهو من هو، زاهدًا في الدنيا بشكل حير المتابعين واللاحقين، حتى قال الإمام علي بن أبي طالب فيه: «أتعبت كل الخلفاء من بعدك».. وفي ذلك يقول ابن عباس: والله لقد رأيت في قميص عمر وهو خليفة أربع عشرة رقعة، وجاء الهرمزان الوزير الفارسي يبحث عن عمر، فوجده نائما تحت شجرة عليه قميص مرقع بلا حراسة، فهزّ الهرمزان رأسه وقال: حكمت فعدلت فأمنت فنمت.
ويروى أيضًا أن عمر كان يقول: «والله لو عثرت بغلة في ضفاف دجلة لخشيت أن يسألني الله عنها لِمَ لم تصلح الطريق لها يا عمر؟»، ووجد حلوى عند أطفاله فقال لزوجته: من أين لكم ثمن هذه الحلوى؟، قالت : كنت أوفّر من حصتنا من الدقيق الذي يأتينا من بيت المال.. فقال عمر: توفرين الدقيق وفي المسلمين من لا يجد دقيقا؟.. وأخذ الحلوى من أيدي أطفاله وقال ردوها لبيت مال المسلمين، وتقول زوجته عاتكة: كان يأتي إلى فراشه لينام فيطير منه النوم ويجلس يبكي، فأقول له: ما لك يا أمير المؤمنين؟، فيقول: توليت أمر أُمة محمد صلى الله عليه وسلم، وفيهم المسكين والضعيف واليتيم والمظلوم، وأخشى أن يسألني الله عنهم يوم القيامة.