ما معنى أن يخدع المسلم غيره سواء كان هذا الغير مسما أو غير مسلم يخدعه ليأخذ حقه ويغير له الحقائق حتى يتكسب من ورائه كل هذه الأمور حرمها الإسلام واعتبر أن فاعلها يمارس الغش الذي هو جريمة أخلاقية ومعصية حرمها الإسلام.
حقيقة الغش:
والغش يعني أنك تزور وتغير الحقائق عمدا للتدليس على غيرك من أجل تتربح من ورائه أو يحصل لك نفع على أي وجه ولو في المستقبل فهو إذا تقديم الباطل في ثوب الحق، الأمر الذي ينُافي الصدق المأمور به والنصح المندوب إليه، وقد صحّ الحديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه.
وأشهر صور الغش تكون في البيع والشراء باعتبار أنههما من المعاملات الشائعة والتي لا غنى للعبد عنها، ولهذا فقد بين النبي خطر الغش في البيع بقوله: ( بيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحقت بركة بيعهما ) متفق عليه. وقال تعالى " ويل للمطففين ".
مفهوم الغش:
ومما سبق يتبين أن مفهوم الحديث أوسع من دلالته على تحريم الغش في مجال المعاملات المالية فحسب، فقد خرج مخرج القاعدة الشموليّة التي تخاطب جميع أنواع الحياة، فيكون الغشّ في الزواج بإخفاء عيوب الزوجة، أو منافاة الأمانة في عدم بيان حال من تقدّم للخطوبة وأخلاقه ودينه، ويكون الغشّ في النطاق الوظيفيّ في العمل بما يحقّق المصالح الشخصيّة ولو كان على حساب الآخرين، ويكون الغش مع العلماء في كتم النصيحة عنهم، فضلاً عن أشهر أنواع الغشّ وأكثرها خطورة: غش الطلاّب في الامتحانات كما ان يشمل تغير الحقائق وتمويهها والتدليس عليها في الدعاية حتى يقع فيها العميل وهي على خلاف المواصفات التي ذكرت وكله خديعة وغش لا تليق بالمسلم.
بيان حقائق الأشياء:
ومن اعتناء الإسلام ببيان حقائق الأشياء ما جاء عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرّ على صُبْرَة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: (ما هذا يا صاحب الطعام؟ ) ، قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: ( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس مني) رواه مسلم، وفي رواية أخرى للحديث عند مسلم : (من غشنا فليس منا) .
من صور الغش:
وصور الغش كثيرة جدا منها التطفيف في المكيال وعدم إيفاء الوزن حقه بما يتنافى مع قوله تعالى: {وزنوا بالقسطاس المستقيم} ( الإسراء: 35)، ومن ذلك بيع التصرية: وهو ترك حلب الناقة مدّة قبل بيعها لإيهام المشتري بكثرة لبنها، ومن صورها: إطعام النحل للسكّر حتى تُكثر نتاجها، وخلط الماء باللبن حتى يكثر، وبيع البضائع المقلّدة على أنها أصليّة، ومنع المشتري من فحص السلعة أو تجريبها قبل شرائها.. وكذا الغش في الامتحانات وفي المعاملات الاجتماعية وغيرها وكلها محرمة.