رغم انتهاء أيام موسم الحج رسميًا، إلا أن روائح ونسماته العليلة لا يمكن أن تذهب من أنوفنا أبدًا، فما أجملها من ريح عطرة، وما أحلاها من نسمات على قلوبنا، تلك النسمات التي تذهب عنا أي حزن أو غضب أو، فلا يتبقى فقط بداخلنا سوى الشوق لزيارة حرم الله الآمن وقبر نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم، والوقوف بعرفات.
ولكن ما يعيننا على ذلك أن هناك بعض الأمور التي نظل نذكرها فتنسينا همومنا وتمنحنا الصبر طمعًا في أن يدعونا الله عز وجل لزيارته العام المقبل بإذن الله.. ومن القصص المرتبطة بالحج، تلك النافذة التي لم تغلق منذ 1400 عام.. فما هي وما قصتها؟.
مشهد بديع
عزيزي الحاج، أو يا من زرت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقًا، إذا وقفت للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المسجد النبوي ونظرت خلفك ستجد نافذة عظيمة المظهر، هذه النافذة لم تغلق منذ 1400 سنة لأن هناك صحابي جليل وعد ابنته أن تظل هذه النافذة مفتوحة للأبد، ومازالت مفتوحة حتى اليوم ليكون هذا أعظم وأطول الوعود على الإطلاق.. وتبدأ القصة عام 17 هـ وبسبب كثرة عدد المسلمين نتيجة للفتوحات الإسلامية، أمر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتوسعة المسجد النبوي، لكن كان أمام الفاروق مشكلة بسيطة وهي أن دار أم المؤمنين حفصة بنت عمر، يقع أمام المقصورة الجنوبية، وتحديدًا في المكان الذي يقف الناس فيه للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذ أن هذا هو المكان تحديدًا الذي كانت فيه حجرة أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، ولو نلاحظ أن الحجرة تقع وحدها جهة الجنوب والمسجد كان يجب توسعته في تلك المنطقة، لذا كان يجب إزالة حجرة السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها.
اقرأ أيضا:
يتعامل النبي مع المخطئين بطريقة رائعة.. تعرف على جانب مضيء من دعوته بالرفق واللبينإقناع حفصة
ولإقناع أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، أن تترك حجرتها التي كان ينام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ذهب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله إليها محاولا إقناعها بأمر الإزالة، فبكت بكاءً عظيمًا ورفضت أن تترك حجرتها الشريفة التي كان ينام بها صلى الله عليه وسلم، فتركها عمر وعاد إليها بعد يومين فوجد منها كما وجد سابقًا، حيث رفضت رفضًا قاطعًا، فلا أحد يرغب أن يتنازل عن حجرة شريفه كهذه.
وحاول الصحابة رضي الله عنهم أن يقنعوا السيدة حفصة رضي الله عنها، لكنها أبت ورفضت بشتى الطرق، فهي تسكن بحجرة شريفة وبينها وبين قبر زوجها وحبيبها صلى الله عليه وسلم، جدار فقط، فكيف ترضى أن يتم إبعادها عنه ؟.. وهنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وكبار الصحابيات، لكن أبت حفصة أن تتنازل عن قرارها إلا بشرط عظيم، وهو أن يفتحوا لها نافذة تكون مطلة على قبر زوجها وحبيبها صلى الله عليه وسلم ولا تغلق أبدًا، فوعدها الفاروق رضي الله عنه بذلك، وفتح لها نافذة بناءً على طلبها، واستمر هذا الوعد حتى يومنا هذا.. هذه النافذة لها عدة أسماء مثل ( خوخة حفصة) و (خوخة آل عمر) كما ذكر السيوطي وابن كثير.. ومعنى خوخة : النافذة أو المطل.