للأسف كثير منا لا يتعمق في الدنيا بالدرجة الكافية، ليتعلم القوانين اللازمة للعيش، ولعل من أبرز هذه القوانين لاشك، قانون (الإزاحة)، والذي يقوم على الآية الكريمة: «وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ» (هود 114)، فمن صدق الله عز وجل في توبته، وحقق هذه الأمور الثلاثة ( الندم على ما فات.. وترك المعصية في الحال.. والعزم المؤكد على أن لا يرجع إليها في المستقبل)، فإن الله سيجب ما قبله تمامًا، وكأنه ولد من جديد.
روى مسلم عن سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال : لما جعل الله الإسلام في قلبي أَتيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم ، فقلت : ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ . فَبَسَطَ يَمِينَهُ ، قَالَ : فَقَبَضْتُ يَدِي . قَالَ : مَا لَكَ يَا عَمْرُو ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ . قَالَ : تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ؟ قُلْتُ : أَنْ يُغْفَرَ لِي . قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ.
المحو التام
فتستطيع أن تمحو كل سيئاتك تمامًا، بأن تعجل بفعل الخير والتوبة إلى الله عز وجل، فعن سيدنا أَبِي ذَرٍّ الغفاري رضي الله عنه قَالَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْصِنِي) فقال عليه الصلاة والسلام: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا»، وفي رواية: «إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً، فَاعْمَلْ حَسَنَةً، فَإِنَّهَا عَشْرُ أَمْثَالِهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»، فَقُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللهِ! أَمِنْ الْحَسَنَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟!) قَالَ: «هِيَ أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ».
فتخيل أنك بمجرد أن تنطق بالشهادتين، فقد تكتب من التوابين المخلصين أمام الله عز وجل، ذلك أن السيئات والذنوب والخطايا أوراق يابسة على شجرة الإنسان، وحتى تتساقط هذه الأوراق، لا بد من تحريك أغصان الشجرة بالحسنات وفعل الصالحات، ولعل أيسر الحسنات وأسهل الصالحات التي تُذهب السيئات؛ توالي الوضوءِ ومتابعة الصلوات.
اقرأ أيضا:
كيف توازن بين "الخوف والرجاء" فى علاقتك مع الله؟أبواب الخير
أيضًا الصوم والصدقة والصلاة وصلاة الليل كلها من أبواب الخير الماحية للسيئات، فعن سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه، أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟! الصَّوْمُ جُنَّةٌ» -أي الصوم وقاية وحفظ وعصمة من الذنوب والشهوات، وأسباب الوقوع في النيران- «وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ»، ثم قرأ: « تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ » (السجدة: 16، 17)، والعبادات والطاعات والحسنات إذا قام بها العبد، قد يفسدها بسوء الخلق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «إِنَّ سُوءَ الْخُلُقِ لَيُفْسِدُ الْعَمَلَ، كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ».