عزيزي المسلم، كن على يقين من أنك مستهدفًا، ليس فقط من إبليس وعصبته، الذين يحاولون إبعادك عن طريق الحق، وإنما أيضًا من أهل المعاصي، ذلك أنهم لا يريدون أن يكون هناك من هو أفضل منهم، أو من يختلف عنهم.
يقول أحد الحكماء: «لا يستريح أصحاب الشهوات حتى يكثر امثالهم، فلا يريدون أن ينظر إليهم نظرة شذوذ فيستوحشون»، وهو ما يؤكده المولى عز وجل في قوله تعالى: «وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا» (النساء 27).
فالله يريد لكم الطاعة واتباع الحق، ليعفوَ لكم عما سلف من آثامكم، ويتجاوز لكم عما كان منكم في السابق، بينما يريد الذين يطلبون لذات الدنيا وشهوات أنفسهم فيها أن تميلوا عن أمر الله تبارك، لتكونوا مثلهم، ومن ثمّ الأمر بأيديكم، ولكم مطلق الاختيار.
حكم عقلك
عزيزي المسلم، حكم عقلك، لأنه لا يمكن على الإطلاق، أن تختار الوقوف بجانب هؤلاء الذين يريدون علوا في الأرض، وإفسادها، وإياك أن يغريك الشيطان بأمور مثل (هؤلاء هم أهلي وأصدقائي وأصحابي)، لأن الله حذرنا من هذا الأمر حتى لو كانوا أقرب الناس.
يقول سبحانه وتعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ(14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» (لقمان 15)، فحتى لو كان من يطلب منك ذلك الأب ذاته، فلا تطعه، لأنه من يأتي ربه كافرًا فلن يُقبل منه أبدًا مهما كانت مبرراته، قال تعالى: «وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا» (الأحزاب 67).
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةاختيار الصاحب
عليك أن تختار الصاحب الجيد، الذي تعلم يقينًا أنه لن يضلك عن طريق الله عز وجل، فلا تختار من ضل هواه وابتعد عن طريقه، ثم تقول (هذا صاحبي)، وتذكر يوم يعض الظالم لنفسه على يديه ندمًا وتحسرًا: «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا» (الفرقان 27)، فيا ليتني اتبعت رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم في اتخاذ الإسلام طريقًا إلى الجنة، ويتحسر هذا قائلاً: «يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا» (الفرقان 28)، ولكن هيهات، سيقول ذلك بعد أن أضله عن ذكر الله وطريقه: «لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا» (الفرقان 29)، فيا ليتني لم أتخذ الكافر فلانًا صديقًا أتبعه وأوده، لقد أضلني هذا الصديق عن القرآن بعد إذ جاءني، وكان الشيطان الرجيم خذولا للإنسان دائمًا، وفي هذه الآيات التحذير من مصاحبة قرين السوء، فإنه قد يكون سببًا لإدخال قرينه النار.