أوضح د. السيد خلف، الشاعر والأكاديمي بدار العلوم، أن "مدرسة الجن" جاءت لمعالجة الثغرات التي وقعت فيها المدارس الشعرية السابقة، التي جمد بعضها على الشكل، وبعضها تحرر من الوزن، فجاءت "المدرسة" لتنتصر للفصحى وللشعر العمودي، ولتثبت أن "الفصحى" قادرة على تناول كل الموضوعات.
موقال في أمسيته بـ"صالون عبد الحميد إبراهيم": إن "مدرسة الجن" تهدف إلى النظم وفق البحور الشعرية كلها، وإلى معالجة جميع القضايا، وعلى كل المستويات التي تناسب شرائح الجمهور المتعددة.
وأشار السيد خلف أبو ديوان، إلى أن تسمية "مدرسة الجن"، لها جانب منهجي؛ فقديمًا كان يُنسب الشعر المبدع والشاعر المجيد إلى "الجن"، وكأنهم يقولون هذا ليس من فعل البشر، إنما هو من فعل الجن.. ونرى مثل ذلك فيمن يجيد أي فن فوق المألوف، مثل لاعب السيرك؛ فنقول "لاعب عفريت أو جني".
وأضاف: "مدرسة الجن" تنتصر للشعر العمودي كله، وتكتب على البحور الستة عشر، بعد أن أصبحت الكتابة محصورة في بحر أو اثنين.. ولا ترفض مدرسة التفعيلة، التي من روادها صلاح عبد الصبور وكمال نشأت ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي، رغم أنها أغرقت في الغموض.
وذكر أن "مدرسة الجن" واجهت صعوبات كثيرة، نتيجة أن البعض لا يقبل أن يُنسب التجديد والتصحيح لشاب لم يبلغ الأربعين (وقت الإعلان عن المدرسة)، لكنها أثبتت تميزها وقدرتها ورسوخها. ويكفيها شهادة لها، إذاعة برنامج "أمير الشعراء" على الهواء.
ولفت السيد خلف إلى أن الشاعر لا ينفصل عن هموم وطنه وأمته، وأن أولى قصائده كانت عن فلسطين، التي نالت قسطًا كبيرًا من شعره، وعنها يقول:
أنا والخيل تحت العرش يا كسرى بلا فِيَلَهْ
عظيم الروم بامرأتين ساومني على أَيَلَهْ
فبعت الجند للشيطان ينفث فيهمُ حِيَلَهْ
فلمّا وزّعوا الأسرَى وجدت القدسَ ملْكِيَ.. لَهْ!
من ناحيته أوضح د. حسام الزمبيلي، رئيس الصالون، أستاذ طب وجراحة العيون، أن الأدب هو مرآة المجتمع ومرآة الحضارة، يعكس ظواهرها ويتحدث بلسانها، وهذا ينطبق على جميع المجتمعات والحضارات، وينطبق بصورة أشد على الحضارة العربية الإسلامية التي صبّت إبداعها على هيئة كلمة.
واستشهد بما ذكره الوالد الراحل د. عبد الحميد إبراهيم، من أن حضارتنا توصف بأنها عربية إسلامية معًا بلا تناقض ولا انفكاك؛ فهي حضارة عربية لأنها تستخدم اللغة العربية، وحملها رجال من العرب إلى شتى بقاع المعمورة، وهي أيضًا إسلامية لأنها حملت العرب من بقعة مكانية محددة إلى مهب التاريخ، وهي بهذه الصفة انتقلت من المحدود إلى اللامحدود، ومن المكان إلى الزمان، ومن المحلي إلى العالمي.
وفي كلمته، أشار د. محمد صالحين، الأمين العام للصالون، وأستاذ الفكر الإسلامي بكلية دار العلوم بجامعة المنيا، إلى أن التجديد في الفكر الإنساني عمومًا، وفي الفكر الإبداعي خصوصًا، ظاهرة مجتمعية صحية، ما التزم أصحابُها بمعايير التجديد المتفق عليها.
وأضاف: إنني مع إشادتي بـ"مدرسة الجن"، ودعمي لها فإنني أرجو من مؤسسها وحوارييه أن يراعوا مواءمات الواقع الذي نحياه؛ من حيثُ: التدرج في أنماط التجديد؛ خاصة في العودة إلى النظم على بحور الشعر المهجورة، وفي إحياء مفردات اندرستْ منذ آماد؛ حتى لا يحدث نفورٌ من المتلقين، فالتدرج سنة شرعية وكونية وإنسانية.. وأنصحهم بعدم الدخول في أية معارك أدبية في هذه الآونة؛ حتى ترسخ أقدام المدرسة، وتستوي على سوقها.. وبالمحافظة- دون مداهنة-على منتسبي المدرسة، وحوارييها، وأنصارها، والسعي إلى كسب مزيد من المؤيدين لها بالطرق المشروعة واللائقة بمكانة المدرسة وأهدافها.
وأشاد صالحين بما أعلنه السيد خلف من عزم المدرسة على إصدار البيان التأسيسي الثاني؛ لفروع النقد، والأجناس الأدبية الموازية للشعر.
وذكر السنوسي محمد السنوسي، المستشار الإعلامي للصالون، أن الشعر له مكانته في التراث وفي الذاكرة الجمعية لنا، فهو "ديوان العرب"، ويتذوقه الناس جميعًا على اختلاف طبقاتهم.. لافتًا إلى أننا بحاجة ليلتحم الشعر مع هموم الناس وآمالهم؛ ليكون معبرًا صادقًا عنهم، وموجهًا للقيم والسلوك والذوق.
حضر الصالون نخبة من الأدباء والمثقفين وعدد من رواد ومحبي "مدرسة الجن"، منهم الشاعر د. محمود إمام، الناقد يحيى غازي، الناقد خالد جودة، م. محمد نجيب مطر، د. أمل محمد أستاذ الفلسفة بكلية التربية - جامعة عين شمس.