لا يستطيع الطفل أن يميز في كثير من الأحوال بين الأشياء، أو يدرك درجة خطورتها، الأمر الذي قد يعرضه لخطر مؤكد، وخاصة إذا لم تكن هناك رقابة كافية على تصرفاته وعبثه بالأشياء التي في متناول يده داخل المنزل.

ومن تلك الأشياء التي تشكل خطرًا على حياة الطفل، أو تهدده بإصابة خطرة في أفضل الأحوال، ابتلاع البطاريات الصغيرة التي تستخدم عادة في تشغيل الساعات وغيرها من الأجهزة، نظرًا لصغر حجمها، وسهولة ابتلاعها من قبل الأطفال.

ويمكن للبطاريات عند ابتلاعها، أن تحدث ثقوبًا في حلق الطفل، أو تصيب الأحبال الصوتية بالشلل، أو تجعل المريء والقصبة الهوائية يلتحمان معًا. وفي أشد الحالات خطورة، يمكن أن يستمر الحرقان في الوريد الرئيسي أو الشريان، مما يؤدي إلى فقدان الدم بشكل مميت.

لذا "إذا كان لديك أطفال صغار في المنزل، فتأكد من إبقاء الأجهزة المزودة بالبطاريات بعيدًا عنهم، أو على الأقل تأكد من مراقبتها أثناء استخدامها والتحقق مما إذا كانت أجهزتهم تحتوي على بطاريات"، وفق الدكتور نيكولاس وولتر، المؤلف المشارك لمراجعة بحثية جديدة نشرت في دورية "جاما لطب الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة".

وعلى الرغم من أن هذه الإصابات نادرة نسبيًا، إلا أنها ازدادت سوءًا لأن الأجهزة تستخدم بطاريات ليثيوم أكثر قوة، كما قال وولتر، أخصائي طب الأذن والأنف والحنجرة في مستشفى الأطفال بجامعة تورنتو.

وقال: "في معظم الأوقات، لا أحد يعرف أنهم ابتلعوا بطارية، وعندما نكتشف ذلك، يكون الأوان قد فات".

وعندما يبتلع الطفل البطارية، يمكن أن تعلق في جزء ضيق من المريء، وفي حالة حدوث ذلك، تتصل أقطاب البطارية وتنتج تيارًا كهربائيًا. وعلى الرغم من أن التيار نفسه لا يسبب أي إصابة، فإنه يقسم الماء إلى غاز الهيدروجين وجذور الهيدروكسيد الحرة، مما يؤدي إلى الاحتراق، بحسب وولتر.

اقرأ أيضا:

طريقة تساعدك على النوم خلال دقيقتين فقط!

وقال: "هذه الحروق هي عكس الحروق الحمضية وهي أسوأ بكثير. تسبب إصابات عميقة جدًا ومخترقة يمكن أن تتوغل داخل الأنسجة في المريء والبنى المهمة مثل الشريان الأورطي والقصبة الهوائية. عندما تحدث هذه الإصابات، تكون شديدة جدًا".

ولهذا، يجب على أي أب يخشى من أن يكون طفله قد ابتلع بطارية، وذلك إذا ظهرت على الطفل أعراض تنفسية، مثل السعال المزمن، أو الاختناق عند البلع أو تغيرات في الصوت، ينصح وولتر بالتوجه به إلى الطبيب ونقله إلى غرفة الطوارئ.

وجاءت التحذيرات استنادًا إلى دراسة شملت 195 حالة قام فيها أطفال صغار (متوسط العمر: 18 شهرًا) بابتلاع البطاريات. في المتوسط، مرت ستة أيام بين ابتلاع البطارية وإخراجها.

وجد الباحثون، أن العواقب الأكثر شيوعًا تمثلت في شلل الحبل الصوتي واندماج القصبة الهوائية والمريء.

وتستدعي الظروف أن يخضع بعض الأطفال لفتح في القصبة الهوائية، للمساعدة في التنفس، أو إمدادهم بأنبوب تغذية لتزويدهم بالطعام. ولاحظ الباحثون أن شلل الأحبال الصوتية يحدث قبل الإصابات الأخرى.

في حين لقي 14 طفلاً حتفهم بسبب ابتلاع البطاريات، وفق وولتر.

وقال الدكتور كريس جاتانا، المؤلف المشارك لمقال افتتاحي نُشر مع النتائج: "لقد أصيب الكثير من الأطفال بجروح خطيرة أو فقدوا حياتهم بسبب ابتلاع بطارية. الوقاية من هذه الإصابات أمر بالغ الأهمية".

وأشار جاتانا إلى أن البطاريات الموجودة داخل الجسم يمكن أن تتسبب بسرعة في تسييل الأنسجة، مما قد يؤدي إلى إصابات تهدد الحياة، لافتًا إلى أن بعض الإصابات لا يمكن علاجها بالجراحة.

وتابع: "في النهاية، هناك حاجة ماسة إلى تقنية بطارية أكثر أمانًا يمكنها تقليل أو القضاء على إصابات المريء الشديدة".


وأوصى جاناتا لمنع الأطفال من ابتلاع هذه البطاريات، بما يلي:

فحص كل جهاز يعمل بالبطارية بشكل روتيني في المنزل، والتأكد من تأمين حجرة البطارية. ومن الأفضل استخدام الأجهزة الإلكترونية بحيث لا يمكن الوصول إلى البطارية إلا باستخدام المفك. إذا كانت حجرة البطارية غير آمنة، احفظ الجهاز بعيدًا عن رؤية ومتناول الأطفال.
التخلص من البطاريات القديمة بعناية. عند تغيير البطاريات في أحد الأجهزة، قم بتغطية البطارية بالكامل بشريط لاصق منزلي وتخلص منها على الفور. حتى البطارية القديمة يمكن أن تتسبب في إصابة داخل الجسم.
تخزين جميع البطاريات السائبة في صندوق مغلق، بعيدًا عن متناول الأطفال أو أنظارهم.