هل تتصور أن هناك من المسلمين من يرفض دخول الجنة ولا يرضى بها وهي السلعة الغالية التي أعدها الله لأحبابه الطائعين.
من يرفض دخول الجنة؟
هذا الرفض سجله لنا رسول الله وأوضحه في حديث شريف: رواه البخاري في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: كل أمتي يدخلون الجنة، إلا من أبى قيل: يا رسول الله من يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني؛ فقد أبى هذا تفسير الحديث: من عصاه؛ فقد أبى، الذي يعصي الرسول ﷺ ولا يتبع الشرع معناه أنه آبي، ما يريد الجنة، لو أرادها لأخذ بالأسباب، فالذي يتنكب الأسباب، ويتركها ما أراد الجنة.
طريق الجنة:
أما الذي أراد الجنة هو الذي يطيع الرسول ﷺ ويتبع الشرع، وينقاد للشرع، ويحافظ على دين الله، ويدع المحرمات، ويأخذ بالواجبات، ويجتهد في الخيرات، هذا الذي يريد الجنة، الله -جل وعلا- قال: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ [آل عمران:133-134] الآية، ويقول سبحانه: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ[الحديد:21] الآية.
فالمقصود: أن الذي يريد الجنة؛ يسارع إليها، ويقوم بأعمالها، ويجتهد، ويتقي الله، أما من أعرض عنها، وعن أعمالها، ولم يبال؛ فهذا في الحقيقة قد أبى.
أفضل طرق توصلك للجنة:
ولو تبين المسلم ما أعده الله له من النعيم المقيم في الجنة ما اجترأ على المعصية وإن سبقته نفسه إليها بادر بالتوبة زما مخالفة النفس والهوى، فإن قيل: كيف يتخلَّص من هذا مَنْ قد وَقَعَ فيه ؟ قيل له : بالعزم القويِّ في هجران ما يؤذي، والتدرج في ترك ما لا يؤمن أذاه؛ وهذا يَفْتقر إلى صبر ومجاهَدة يُهَوِّنهما سبعة أشياء:
أحدُها : التَّفَكُّرُ في أن الإنسان لم يُخلق للهوى؛ وإنما هُيِّئ للنَّظَر في العواقب والعمل للآجل.
والثاني : أن يفكر في عواقب الهوى .
والثالث : أن يتصوَّر العاقل انقضاء غرضه من هواه ثم يتصور الأذى الحاصل عقيب اللَّذَّة .
والرابع : أن يتصور ذلك في حقِّ غيره، ثم يتلمح عاقبته بفكره؛ فإنَّه سيرى ما يَعْلَم به عيبَه إذا وقف في ذلك المقام .
والخامس : أن يتفكر فيما يطلبه من اللَّذَّات؛ فإنه سيخبره العقل أنه ليس بشيء؛ وإنما عين الهوى عمياء .
والسادس : أن يتدبَّر عزَّ الغلبة وذُلَّ القهر؛ فإنَّه ما من أحد غَلَبَ هواه إلا أَحَسَّ بقوة عز .
والسابع : أن يتفكَّر في فائدة المخالفة للهوى من اكتساب الذِّكر الجميل في الدنيا، وسلامة النفس والعرض، والأجر في الآخرة).
فحري بالعبد أن يلح في سؤال ربه الهدى ، ويحذر من هوى نفسه: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِير}(البقرة: 120).
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه تبارك وتعالى بهذا الدعاء: "اللهم إني أسألُك الهُدَى و التُّقَى، والعفافَ والغِنى".