فرض الله سبحانه وتعالى زكاة الفطر، ودلت على فرضيتها عشرات الأحاديث الصحيحة، ففي الصحيحين عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
وفي سنن أبي داود عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من الرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
وجاء فرضية زكاة الفطر لحكمة عظيمة أنزلها الله سبحانه وتعالى، ليكشف المعدن الحقيقي للإسلام دين التعاطف والمواساة، دين المودة والمحبة، دين الترابط بين الأغنياء والفقراء، والتكافل الاجتماعي، دين يقع في مسئولية الجائعين على جيرانهم الأغنياء، فلا يدخل الجنة من بات شبعان، وجاره جائع.
لذلك فرض الله للفقراء حقاً في مال الأغنياء، حيث يقول جل شأنه {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 24، 25] وخصت الشريعة الإسلامية أيام العيد بمزيد من توصية القادرين بالضعفاء والمساكين، ففرضت في عيد الفطر زكاة الفطر، وشرعت الأضحية في عيد الأضحى، توسعة على الأهل، وعلى الفقراء والمحتاجين.
اظهار أخبار متعلقة
حق للمحروم
ومن هنا شرعت زكاة الفطر في عيد الفطر، وجعلت حقًا للفقير، وقد حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدرها، كما حدد قدر نصاب الزكاة في الأموال وما يخرج منها، لكي يكون هناك مجتمعا متكافلا متواصلا متحابا متفاعلا كمثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى وتعين إحداهما الأخرى، كما جاء في الحديث عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
وبهذه المواساة اليسيرة يتم التكافل الاجتماعي، وتتم الصلة بين أفراد الأمة ويستغني الفقراء عن أجر العمل أيام العيد، ويستغني الفقير عن ذل السؤال ويشارك الأغنياءَ هو وأولاده بهجتهم.
واجاز بعض الفقهاء أداء زكاة الفطر نقدا مراعاة للمقصود منها والغاية التي شرعت لأجلها ” اغنوهم عن المسألة في هذا اليوم” ولو دفعت طعاما وهو الأصل فيستطيع الفقير أن يبيع الأقوات ويشتري ما يحتاجه ويستطيع أن يشتري آجلا على أساس أنها مضمونة، وحينئذ يلتقي المسلمون غنيهم وفقيرهم على باب السعادة والسرور.
فقد أثر أن عمر رضى اللَّه عنه تعرضت له امرأة فقيرة وهو في طريقه إلى خيبر وذكرت حاجة لها فأمرها أن تراجعه بالمدينة وأعطاها من أموال الزكاة.
وقال طاوس: قال معاذ رضي الله عنه لأهل اليمن: «ائتوني بعرض ثياب خميص – أو لبيس – في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة».
فهذا م تقوم عليه الزكوات من إشاعة التكافل الاجتماعي وعميق الأخوة ونشر المودة وبث الرحمة بين أفراد المجتمع المسلم، بحيث تجعله كأسرة واحدة متراصة يرحم فيها القوي الضعيف ويحسن فيه القادر إلى العاجز والغني إلى الفقير.. ومن أجل قيام مجتمع التكافل هذا سن الإسلام قواعد تضمن حق الأفراد في كفالة المجتمع لهم عند الفقر والحاجة، وعلى هذا المجتمع أن يتدخل بتوفير أسباب العيش الكريم لهذه الشريحة التي جعل الله لها حقا في أموال الأغنياء.
اقرأ أيضا:
بشريات كثيرة لمن مات له طفل صغير.. تعرف عليهافوائد الزكاة والصدقة
الزكوات والصدقة تهذب الأخلاق وتزكي النفس وتربي الروح على معاني الأخلاق، إذ فيها تدريب على الجود والكرم وتعويد على البذل والتضحية، وإيثار الآخرين.
لذلك وصفها النبي صلى الله عليه وسلم ففي هذا الحديث أن من فوائد زكاة الفطر تطهير الصائم من اللغو والرفث وهو هنا الفحش من الكلام، وأنها طعمة للمساكين أي طعام لهم في هذا اليوم، وفيه بيان وقت إخراجها وأنه قبل صلاة العيد.